وقال نهشل بن حري:
على بني يشد الله عظمهم * والنبع ينبت قضبانا فيكتهل ومكث الفرزدق زمانا لا يولد له فعيرته امرأته، فقال:
قالت أراه واحدا لا أخا له * يؤمله في الوارثين الأباعد (1) لعلك يوما أن تريني كأنما * بني حوالي الليوث الحوارد (2) فإن تميما قبل أن يلد الحصا * أقام زمانا وهو في الناس واحد وقال الآخر، وقد مات إخوته، وملأ حوضه ليسقي، فجاء رجل صاحب عشيرة وعترة، فأخذ بضبعه فنحاه، ثم قال لراعيه: اسق إبلك:
لو كان حوض حمار ما شربت به * إلا بإذن حمار آخر الأبد لكنه حوض من أودى بإخوته * ريب المنون فأمسى بيضة البلد لو كان يشكى إلى الأموات ما لقي * الأحياء بعدهم من قلة العدد ثم اشتكيت لأشكاني وأنجدني * قبر بسنجار أو قبر على فحد (3) وقال الأعشى وهو يذكر الكثرة:
ولست بالأكثر منهم حصى * وإنما العزة للكاثر قال: وقد ولد رجال من العرب كل منهم يلد لصلبه أكثر من مائة فصاروا بذلك مفخرا، منهم عبد الله بن عمير الليثي، وأنس بن مالك الأنصاري، وخليفة بن بر السعدي، أتى على عامتهم الموت الجارف. ومات جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله ابن العباس عن ثلاثة وأربعين ذكرا وخمس وثلاثين امرأة كلهم لصلبه، فما ظنك بمن مات من ولده في حياته! وليس طبقة من طبقات الأسنان الموت إليها أسرع، وفيها أعم