ببطان (1) ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له ولقيس بن محرث ما أخرجكما قال: كنت ابن أختنا وجارنا، وخرجنا مع قومنا للغنيمة، فقال صلى الله عليه وآله لا يخرجن معنا رجل ليس على ديننا، فقال خبيب لقد علم قومي أنى عظيم الغناء في الحرب، شديد النكاية، فأقاتل معك للغنيمة ولا أسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا ولكن أسلم ثم قاتل، فلما كان بالروحاء جاء فقال يا رسول الله، أسلمت لرب العالمين، وشهدت أنك رسول الله، فسر بذلك، وقال امضه، فكان عظيم الغناء في بدر وفى غير بدر وأما قيس بن الحارث فأبى أن يسلم، فرجع إلى المدينة، فلما قدم النبي صلى الله عليه وآله من بدر أسلم وشهد أحدا فقتل.
قال الواقدي: ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله صام يوما أو يومين، ثم نادى مناديه يا معشر العصاة، انى مفطر، فأفطروا، وذلك أنه قد كان قال: لهم قبل ذلك أفطروا فلم يفعلوا (2).
قلت هذا هو سر النبوة وخاصيتها، إذا تأمل المتأملون ذلك، وهو أن يبلغ بهم حبه وطاعته وقبول قوله على أن يكلفهم ما يشق عليهم فيمتثلوه امتثالا صادرا عن حب شديد وحرص عظيم على الطاعة، حتى إنه لينسخه عنهم ويسقط وجوبه عليهم، فيكرهون ذلك ولا يسقطونه عن أنفسهم، إلا بعد الانكار التام، وهذا أحسن من المعجزات الخارقة للعادات، بل هذا بعينه معجزة خارقة للعادة أقوى وآكد من شق البحر وقلب العصا حية.
قال الواقدي: ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى إذا كان دوين بدر، أتاه الخبر بمسير قريش، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بمسيرهم، واستشار الناس