شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٩٥
وقال قائلهم: كلا، زعمتم أنا كذبنا وكذبت عاتكة فأقامت قريش ثلاثا تتجهز - ويقال يومين - وأخرجت أسلحتها واشتروا سلاحا، وأعان قويهم ضعيفهم، وقام سهيل ابن عمرو في رجال من قريش، فقال يا معشر قريش، هذا محمد والصباة معه من شبانكم وأهل يثرب قد عرضوا لعيركم ولطيمتكم (1)، فمن أراد ظهرا فهذا ظهر، ومن أراد قوة فهذه قوة. وقام زمعة بن الأسود، فقال إنه واللات والعزى ما نزل بكم أمر أعظم من أن طمع محمد وأهل يثرب أن يعرضوا لعيركم فيها خزائنكم، فأوعبوا (2) ولا يتخلف منكم أحد، ومن كان لا قوة له فهذه قوة، والله لئن أصابها محمد وأصحابه لا يروعكم منهم ألا وقد دخلوا عليكم بيوتكم. وقال طعيمة بن عدي يا معشر قريش، والله ما نزل بكم أمر أجل من هذه أن يستباح عيركم، ولطيمة قريش فيها أموالكم وخزائنكم، والله ما أعرف رجلا ولا امرأة من بنى عبد مناف له نش (3) فصاعدا، إلا وهو في هذه العير، فمن كان لا قوة به فعندنا قوة نحمله ونقويه. فحمل على عشرين بعيرا وقوى بهم، وخلفهم في أهلهم بمعونة وقام حنظلة بن أبي سفيان وعمرو بن أبي سفيان فحضا الناس على الخروج، ولم يدعوا إلى قوة ولا حملان، فقيل لهما أ لا تدعوان إلى ما دعا إليه قومكما من الحملان قالا والله ما لنا مال، وما المال إلا لأبي سفيان. ومشى نوفل بن معاوية الديلمي إلى أهل القوة من قريش، وكلمهم في بذل النفقة والحملان لمن خرج، فكلم عبد الله بن أبي ربيعة، فقال هذه خمسمائة دينار تضعها حيث رأيت، وكلم حويطب بن عبد العزى، فاخذ منه مائتي دينار أو ثلاثمائة، ثم قوى بها في السلاح والظهر.
قال الواقدي: وذكروا إنه كان لا يتخلف أحد من قريش إلا بعث مكانه بعثا، فمشت قريش إلى أبى لهب، فقالوا له إنك سيد من سادات قريش، وإنك إن تخلفت عن

(1) اللطيمة: التجارة، وقيل: اللطيمة: العطر خاصة.
(2) أوعبوا: استعدوا.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213