وقال قائلهم: كلا، زعمتم أنا كذبنا وكذبت عاتكة فأقامت قريش ثلاثا تتجهز - ويقال يومين - وأخرجت أسلحتها واشتروا سلاحا، وأعان قويهم ضعيفهم، وقام سهيل ابن عمرو في رجال من قريش، فقال يا معشر قريش، هذا محمد والصباة معه من شبانكم وأهل يثرب قد عرضوا لعيركم ولطيمتكم (1)، فمن أراد ظهرا فهذا ظهر، ومن أراد قوة فهذه قوة. وقام زمعة بن الأسود، فقال إنه واللات والعزى ما نزل بكم أمر أعظم من أن طمع محمد وأهل يثرب أن يعرضوا لعيركم فيها خزائنكم، فأوعبوا (2) ولا يتخلف منكم أحد، ومن كان لا قوة له فهذه قوة، والله لئن أصابها محمد وأصحابه لا يروعكم منهم ألا وقد دخلوا عليكم بيوتكم. وقال طعيمة بن عدي يا معشر قريش، والله ما نزل بكم أمر أجل من هذه أن يستباح عيركم، ولطيمة قريش فيها أموالكم وخزائنكم، والله ما أعرف رجلا ولا امرأة من بنى عبد مناف له نش (3) فصاعدا، إلا وهو في هذه العير، فمن كان لا قوة به فعندنا قوة نحمله ونقويه. فحمل على عشرين بعيرا وقوى بهم، وخلفهم في أهلهم بمعونة وقام حنظلة بن أبي سفيان وعمرو بن أبي سفيان فحضا الناس على الخروج، ولم يدعوا إلى قوة ولا حملان، فقيل لهما أ لا تدعوان إلى ما دعا إليه قومكما من الحملان قالا والله ما لنا مال، وما المال إلا لأبي سفيان. ومشى نوفل بن معاوية الديلمي إلى أهل القوة من قريش، وكلمهم في بذل النفقة والحملان لمن خرج، فكلم عبد الله بن أبي ربيعة، فقال هذه خمسمائة دينار تضعها حيث رأيت، وكلم حويطب بن عبد العزى، فاخذ منه مائتي دينار أو ثلاثمائة، ثم قوى بها في السلاح والظهر.
قال الواقدي: وذكروا إنه كان لا يتخلف أحد من قريش إلا بعث مكانه بعثا، فمشت قريش إلى أبى لهب، فقالوا له إنك سيد من سادات قريش، وإنك إن تخلفت عن