شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٢٦٠
قال الواقدي: فكان أبو هريرة يقول، والناس حوله: أخبروني برجل يدخل الجنة لم يصل لله تعالى سجدة فيسكت الناس، فيقول أبو هريرة: هو أخو بنى عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقش.
قال الواقدي: وكان مخيرق اليهودي من أحبار يهود، فقال يوم السبت ورسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد: يا معشر يهود، والله إنكم لتعلمون أن محمدا نبي، وأن نصره عليكم حق. فقالوا ويحك اليوم يوم السبت، فقال لا سبت، ثم أخذ سلاحه وحضر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأصيب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مخيرق خير يهود).
قال الواقدي: وكان مخيرق قال حين خرج إلى أحد: إن أصبت فأموالي لمحمد يضعها حيث أراه الله فيه، فهي عامة صدقات النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الواقدي: وكان حاطب بن أمية منافقا، وكان ابنه يزيد بن حاطب رجل صدق، شهد أحدا مع النبي صلى الله عليه وسلم فارتث (1) جريحا، فرجع به قومه إلى منزله، قال:
يقول أبوه وهو يرى أهل الدار يبكون عنده: أنتم والله صنعتم هذا به، قالوا: كيف قال: أغررتموه من نفسه حتى خرج فقتل، ثم صرتم معه إلى شئ آخر تعدونه جنة، يدخل فيها حبة من حرمل، قالوا قاتلك الله قال: هو ذاك، ولم يقر بالاسلام (2).
قال الواقدي: وكان قزمان عسيفا (3) من بنى ظفر، لا يدرى ممن هو، وكان لهم محبا،

(1) أرثت: حمل من المعركة جريحا وبه رمق.
(2) الخبر في ابن هشام 3: 37 عن عاصم بن عمر بن قتادة: (أن رجلا منهم كان يدعى حاطب ابن أمية بن رافع، وكان له ابن يقال له زيد بن حاطب، أصابته جراحة يوم أحد، فأتي به إلى قومه وهو بالموت، فاجتمع إليه أهل الدار، فجعل المسلمون يقولون له من الرجال والنساء: أبشر يا بن حاطب بالجنة، قال: وكان حاطب شيخا قد عسا (أي كبر) في الجاهلية، فنجم يومئذ نفاقه، فقال: بأي شئ تبشرونه! أبحقه من حرمل! غررتم والله هذا الغلام من نفسه!
(3) عسيفا، أي أجيرا.
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست