شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٢٥٨
من قتاله، لقد رأيته يضرب به حتى إذا كل عليه وخاف ألا يحيك (1) عمد به إلى الحجارة، فشحذه، ثم يضرب به العدو، حتى يرده (2) كأنه منجل، وكان حين أعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله السيف مشى بين الصفين، واختال في مشيته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله حين رآه يمشى تلك المشية إن هذه لمشية يبغضها الله تعالى إلا في مثل هذا الموطن، قال: وكان أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يعلمون في الزحوف، أحدهم أبو دجانة، كان يعصب رأسه بعصابة حمراء، وكان قومه يعلمون إنه إذا اعتصب بها أحسن القتال، وكان علي عليه السلام يعلم بصوفة بيضاء، وكان الزبير يعلم بعصابة صفراء، وكان حمزة يعلم بريش نعامة.
قال الواقدي: وكان أبو دجانة يحدث يقول انى لأنظر يومئذ إلى امرأة تقذف الناس وتحوشهم حوشا منكرا، فرفعت عليها السيف، وما أحسبها إلا رجلا، حتى علمت إنها امرأة، وكرهت أن اضرب بسيف رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة - والمرأة عمرة بنت الحارث.
قال الواقدي: وكان كعب بن مالك يقول أصابني الجراح يوم أحد، فلما رأيت المشركين يمثلون بالمسلمين أشد المثل وأقبحها، قمت فتنحيت عن القتلى، فإني لفي موضعي أقبل خالد بن الأعلم العقيلي جامع اللامة يحوش المسلمين، يقول استوسقوا (3) كما يستوسق جرب الغنم، وهو مدجج في الحديد، يصيح يا معشر قريش، لا تقتلوا محمدا، ائسروه أسرا حتى نعرفه ما صنع، ويصمد له قزمان فيضربه بالسيف ضربة على عاتقه رأيت منها سحره، ثم أخذ سيفه وانصرف، فطلع عليه من المشركين فارس ما أرى منه إلا عينيه، فحمل عليه قزمان، فضربه ضربة جزلة اثنين، فإذا هو الوليد بن العاص بن هشام المخزومي، ثم يقول كعب إني لأنظر يومئذ وأقول ما رأيت مثل هذا الرجل أشجع

(1) لا يحيك: لا يؤثر.
(2) ا: (رده).
(3) استوسقوا: اجتمعوا.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213