من قتاله، لقد رأيته يضرب به حتى إذا كل عليه وخاف ألا يحيك (1) عمد به إلى الحجارة، فشحذه، ثم يضرب به العدو، حتى يرده (2) كأنه منجل، وكان حين أعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله السيف مشى بين الصفين، واختال في مشيته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله حين رآه يمشى تلك المشية إن هذه لمشية يبغضها الله تعالى إلا في مثل هذا الموطن، قال: وكان أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يعلمون في الزحوف، أحدهم أبو دجانة، كان يعصب رأسه بعصابة حمراء، وكان قومه يعلمون إنه إذا اعتصب بها أحسن القتال، وكان علي عليه السلام يعلم بصوفة بيضاء، وكان الزبير يعلم بعصابة صفراء، وكان حمزة يعلم بريش نعامة.
قال الواقدي: وكان أبو دجانة يحدث يقول انى لأنظر يومئذ إلى امرأة تقذف الناس وتحوشهم حوشا منكرا، فرفعت عليها السيف، وما أحسبها إلا رجلا، حتى علمت إنها امرأة، وكرهت أن اضرب بسيف رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة - والمرأة عمرة بنت الحارث.
قال الواقدي: وكان كعب بن مالك يقول أصابني الجراح يوم أحد، فلما رأيت المشركين يمثلون بالمسلمين أشد المثل وأقبحها، قمت فتنحيت عن القتلى، فإني لفي موضعي أقبل خالد بن الأعلم العقيلي جامع اللامة يحوش المسلمين، يقول استوسقوا (3) كما يستوسق جرب الغنم، وهو مدجج في الحديد، يصيح يا معشر قريش، لا تقتلوا محمدا، ائسروه أسرا حتى نعرفه ما صنع، ويصمد له قزمان فيضربه بالسيف ضربة على عاتقه رأيت منها سحره، ثم أخذ سيفه وانصرف، فطلع عليه من المشركين فارس ما أرى منه إلا عينيه، فحمل عليه قزمان، فضربه ضربة جزلة اثنين، فإذا هو الوليد بن العاص بن هشام المخزومي، ثم يقول كعب إني لأنظر يومئذ وأقول ما رأيت مثل هذا الرجل أشجع