قال الواقدي: وتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الرماة، فقال: احموا لنا ظهورنا، فإنا نخاف أن نؤتى من ورائنا، والزموا مكانكم، لا تبرحوا منه، وإن رأيتمونا نهزمهم حتى ندخل عسكرهم، فلا تفارقوا مكانكم، وإن رأيتمونا نقتل، فلا تعينونا، ولا تدفعوا عنا. اللهم إني أشهدك عليهم، ارشقوا (1) خيلهم بالنبل، فإن الخيل لا تقدم على النبل، وكان للمشركين مجنبتان ميمنة عليها خالد بن الوليد، وميسرة عليها عكرمة بن أبي جهل.
قال الواقدي: وعمل رسول الله صلى الله عليه وآله لنفسه ميمنة وميسرة، ودفع اللواء الأعظم إلى مصعب بن عمير، ودفع لواء الأوس إلى أسيد بن حضير، ولواء الخزرج إلى سعد بن عبادة - وقيل إلى الحباب بن المنذر - فجعلت الرماة تحمى ظهور المسلمين، وترشق خيل المشركين بالنبل، فولت هاربة قال بعض المسلمين (2): والله لقد رمقت نبلنا يومئذ، ما رأيت سهما واحدا مما يرمى به خيلهم يقع في الأرض، إما في فرس أو في رجل، ودنا القوم بعضهم من بعض، وقدموا طلحة بن أبي طلحة صاحب لوائهم، وصفوا صفوفهم، وأقاموا النساء خلف الرجال يضربن بين أكتافهم بالأكبار والدفوف، وهند وصواحبها يحرضن ويذمرن (3) الرجال، ويذكرن من أصيب ببدر، ويقلن:
نحن بنات طارق * نمشي على النمارق إن تقبلوا نعانق * أو تدبروا نفارق * فراق غير وامق * قال الواقدي: وبرز طلحة، فصاح: من يبارز فقال علي عليه السلام له: هل لك في مبارزتي قال: نعم، فبرزا بين الصفين ورسول الله صلى الله عليه وآله جالس تحت