وقال محمد بن إسحاق: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: دعوه، فإنه أعمى البصر، أعمى القلب. يعنى مربع بن قيظي.
قال الواقدي: ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله، فبينا هو في مسيره إذ ذب فرس أبى بردة بن نيار بذنبه فأصاب كلاب سيفه، فسل سيفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا صاحب السيف، شم (2) سيفك، فإني أخال السيوف ستسل اليوم فيكثر سلها.
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب الفأل، ويكره الطيرة، قال: ولبس رسول الله صلى الله عليه وآله من الشيخين درعا واحدة، حتى انتهى إلى أحد، فلبس درعا أخرى ومغفرا، وبيضة فوق المغفر، فلما نهض رسول الله صلى الله عليه وآله من الشيخين، زحف المشركين على تعبية حتى انتهوا إلى موضع أرض ابن عامر اليوم، فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى موضع القنطرة اليوم جاءه وقد حانت الصلاة، وهو يرى المشركين، فأمر بلالا فأذن، وأقام وصلى بأصحابه الصبح صفوفا، وانخزل (3) عبد الله بن أبي من ذلك المكان في كتيبته، كأنه هيقه (4) تقدمهم، فأتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام، فقال: أذكركم الله ودينكم ونبيكم، وما شرطتم له أن تمنعوه مما تمنعون منه أنفسكم وأولادكم ونساءكم فقال ابن أبي: ما أرى إنه يكون بينهم قتال، وإن أطعتني يا أبا جابر لترجعن، فان أهل الرأي والحجى قد رجعوا، ونحن ناصروه في مدينتنا، وقد خالفنا، وأشرت عليه بالرأي فأبى إلا طواعية الغلمان فلما أبى على عبد الله بن عمرو أن يرجع، ودخل هو وأصحابه أزقة المدينة، قال لهم أبو جابر: أبعدكم الله إن الله سيغني النبي والمؤمنين عن نصركم. فانصرف ابن أبي وهو يقول: أيعصيني ويطيع الولدان وانصرف عبد الله بن عمرو يعدو حتى لحق رسول الله وهو يسوى الصفوف، فلما أصيب أصحاب