كان عمر بن عبد العزيز إذا جلس للقضاء قرا ﴿ا فرأيت إن متعناهم سنين * ثم جاءهم ما كانوا يوعدون * ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون﴾ (1).
قال منصور بن عمار لأهل مجلسه ما أرى إساءة تكبر على عفو الله فلا تياس وربما آخذ الله على الصغير فلا تأمن وقد علمت أنك بطول عفو الله عنك عمرت مجالس الاغترار به ورضيت لنفسك المقام على سخطه ولو كنت تعاقب نفسك بقدر تجاوزه عن سيئاتك ما استمر بك لجاج فيما نهيت عنه ولا قصرت دون المبالغة فيه ولكنك رهين غفلتك وأسير حيرتك.
قال إسماعيل بن زياد أبو يعقوب قدم علينا بعبادان راهب من الشام ونزل دير ابن أبي كبشة فذكروا حكمة كلامه فحملني ذلك على لقائه فأتيته وهو يقول إن لله عبادا سمت بهم هممهم فهووا عظيم الذخائر فالتمسوا من فضل سيدهم توفيقا يبلغهم سمو الهمم فان استطعتم أيها المرتحلون عن قريب أن تأخذوا ببعض أمرهم فإنهم قوم قد ملكت الآخرة قلوبهم فلم تجد الدنيا فيها ملبسا فالحزن بثهم والدمع راحتهم والدؤوب وسيلتهم وحسن الظن قربانهم يحزنون بطول المكث في الدنيا إذا فرح أهلها فهم فيها مسجونون والى الآخرة منطلقون.
فما سمعت موعظة كانت أنفع لي منها.
* * * ومن جيد شعر أبى نواس في الزهد (2):
يا بنى النقص والغير * وبنى الضعف والخور وبنى البعد في الطباع * على القرب في الصور