سال معاوية عقيلا عن قصة الحديدة المحماة المذكورة فبكى وقال انا أحدثك يا معاوية عنه ثم أحدثك عما سالت نزل بالحسين ابنه ضيف فاستسلف درهما اشترى به خبزا واحتاج إلى الادام فطلب من قنبر خادمهم أن يفتح له زقا من زقاق عسل جاءتهم من اليمن فاخذ منه رطلا فلما طلبها عليه السلام ليقسمها قال يا قنبر أظن أنه حدث بهذا الزق حدث فأخبره فغضب عليه السلام وقال على بحسين فرفع عليه الدرة فقال بحق عمى جعفر - وكان إذا سئل بحق جعفر سكن - فقاله ما حملك أن اخذت منه قبل القسمة قال إن لنا فيه حقا فإذا أعطيناه رددناه قال فداك أبوك وإن كان لك فيه حق فليس لك أن تنتفع بحقك قبل أن ينتفع المسلمون بحقوقهم اما لولا فقال إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل ثنيتك لأوجعتك ضربا ثم دفع إلى قنبر درهما كان مصرورا في ردائه وقال اشتر به خير عسل تقدر عليه قال عقيل والله لكأني انظر إلى يدي على وهي على فم الزق وقنبر يقلب العسل فيه ثم شده وجعل يبكى ويقول اللهم اغفر لحسين فإنه لم يعلم.
فقال معاوية ذكرت من لا ينكر فضله رحم الله أبا حسن فلقد سبق من كان قبله وأعجز من يأتي بعده هلم حديث الحديدة.
قال نعم أقويت وأصابتني مخمصة شديدة فسألته فلم تند صفاته فجمعت صبياني وجئته بهم والبؤس والضر ظاهران عليهم فقال أئتني عشية لأدفع إليك شيئا فجئته يقودني أحد ولدى فأمره بالتنحي ثم قال الا فدونك فأوهيت حريصا - قد غلبني الجشع أظنها صرة - فوضعت يدي على حديدة تلتهب نارا فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يد جازره فقال لي ثكلتك أمك هذا من حديدة