السلام مما تحكم به الأوقات، ويقتضيه تصرف الدهر وتقلبه، وذلك ضحك تعجب واعتبار.
ثم قال: " ولا غرو والله " أي ولا عجب والله.
ثم فسر ذلك فقال: يا له خطبا يستفرغ العجب! أي يستنفده ويفنيه، يقول: قد صار العجب لا عجب، لان هذا الخطب استغرق التعجب، فلم يبق منه ما يطلق عليه لفظ التعجب، وهذا من باب الإغراق والمبالغة في المبالغة، كما قال أبو الطيب:
أسفى على أسفى الذي دلهتني * عن علمه فبه على خفاء (1) وشكيتي فقد السقام لأنه * قد كان لما كان لي أعضاء وقال ابن هانئ المغربي:
قد سرت في الميدان يوم طرادهم * فعجبت حتى كدت ألا أعجبا (2) والأود: العوج.
ثم ذكر تمالؤ قريش عليه، فقال: حاول القوم إطفاء نور الله من مصباحه، يعنى ما تقدم من منابذة طلحة والزبير وأصحابهما له، وما شفع ذلك من معاوية وعمرو وشيعتهما.
وفوار الينبوع: ثقب البئر.
قوله: " وجدحوا بيني وبينهم شربا (3) " أي خلطوه ومزجوه وأفسدوه.
والوبئ: ذو الوباء والمرض، وهذا استعارة كأنه جعل الحال التي كانت بينه وبينهم قد أفسدها القوم وجعلوها مظنة الوباء والسقم كالشرب الذي يخلط بالسم أو بالصبر فيفسد ويوبئ.