فغضوا عنكم عباد الله غمومها وأشغالها، لما أيقنتم به من فراقها، وتصرف حالاتها، فاحذروها حذر الشفيق الناصح، والمجد الكادح.
واعتبروا بما قد رأيتم من مصارع القرون قبلكم، قد تزايلت أوصالهم وزالت أبصارهم وأسماعهم، وذهب شرفهم وعزهم، وانقطع سرورهم ونعيمهم فبدلوا بقرب الأولاد فقدها، وبصحبة الأزواج مفارقتها، لا يتفاخرون ولا يتناسلون، ولا يتزاورون ولا يتحاورون.
فاحذروا عباد الله حذر الغالب لنفسه، المانع لشهوته، الناظر بعقله، فإن الامر واضح، والعلم قائم، والطريق جدد، والسبيل قصد.
* * * الشرح:
المنجاة: مصدر نجا ينجو نجاة ومنجاة. والنجاة: الناقة ينجى عليها فاستعارها هاهنا للطاعة والتقوى، كأنها كالمطية المركوبة يخلص بها الانسان من الهلكة.
قوله: " رهب فأبلغ " الضمير يرجع إلى الله سبحانه، أي خوف المكلفين فأبلغ في التخويف، ورغبهم فأتم الترغيب وأسبغه.
ثم أمر بالاعراض عما يسر ويروق من أمر الدنيا، لقلة، ما يصحب الناس من ذلك.
ثم قال: إنها أقرب دار من سخط الله، وهذا نحو قول النبي صلى الله عليه وآله: " حب الدنيا رأس كل خطيئة.