" كبار " بالتشديد، فأما كبر بالكسر، فمعناه أسن، والمصدر منهما كبرا بفتح الباء.
* * * الأصل:
ولقد كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم كاف لك في الأسوة، ودليل لك على ذم الدنيا وعيبها، وكثرة مخازيها ومساويها، إذ قبضت عنه أطرافها ووطئت لغيره أكنافها، وفطم عن رضاعها، وزوى عن زخارفها.
وإن شئت ثنيت بموسى كليم الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير)، والله ما سأله إلا خبزا يأكله، لأنه كان يأكل بقلة الأرض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه، لهزاله وتشذب لحمه.
وإن شئت ثلثت بداود صلى الله عليه وسلم صاحب المزامير، وقارئ أهل الجنة فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده، ويقول لجلسائه: أيكم يكفيني بيعها!
ويأكل قرص الشعير من ثمنها.
وإن شئت قلت في عيسى بن مريم عليه السلام، فلقد كان يتوسد الحجر، ويلبس الخش، ويأكل الجشب، وكان إدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم، ولم تكن له زوجة تفتنه، ولا ولد يحزنه، ولا مال يلفته، ولا طمع يذله، دابته رجلاه، وخادمه يداه.
* * *