له أسماء النحرانية، يا أبا كعب، أحقينا كان أم حليبا (1) قال، إنك لبطالة، كان يعصم من الجوع ويروى من الظمأ، أما إني حدثت بهذا نفرا من قومي، منهم علي بن الحارث سيد بنى قنان، فلم يصدقني، وقال ما أظن الذي تقول كما قلت! فقلت: الله أعلم بذلك. ورجعت إلى منزلي، فبت ليلتي تلك، فإذا به صلاة الصبح على بابي، فخرجت إليه، فقلت: رحمك الله! لم تعنيت؟ ألا أرسلت إلى فأتيك! فإني لاحق بذلك منك. قال:
ما نمت الليلة إلا أتاني آت فقال: أنت الذي تكذب من يحدث بما أنعم الله عليه! قال أبو كعب: ثم خرجت حتى أتيت المدينة، فأتيت عثمان بن عفان، وهو الخليفة يومئذ، فسألته عن شئ من أمر ديني، وقلت: يا أمير المؤمنين، إني رجل من أهل اليمن من بنى الحارث بن كعب، وإني أريد أن أسألك فأمر حاجبك ألا يحجبني، فقال:
يا وثاب إذا جاءك هذا الحارثي، فأذن له. قال: فكنت إذا جئت، فقرعت الباب، قال: من ذا؟ فقلت: الحارثي، فيقول: ادخل، فدخلت يوما فإذا عثمان جالس، وحوله نفر سكوت لا يتكلمون، كأن على رؤوسهم الطير، فسلمت ثم جلست، فلم أسأله عن شئ لما رأيت من حالهم وحاله، فبينا أنا كذلك إذ جاء نفر، فقالوا: إنه أبى أن يجئ، قال: فغضب وقال: أبى أن يجئ! اذهبوا فجيئوا به، فإن أبى فجروه جرا.
قال: فمكثت قليلا فجاءوا ومعهم رجل آدم طوال أصلع، في مقدم رأسه شعرات، وفى قفاه شعرات، فقلت: من هذا؟ قالوا: عمار بن ياسر، فقال له عثمان: أنت الذي تأتيك رسلنا فتأبى أن تجئ! قال فكلمه بشئ لم أدر ما هو، ثم خرج. فما زالوا