بالجربزة والغباوة، والشجاعة التي هي محبوسة بالتهور والجبن، والجود المحبوس بالتبذير والشح، فمن لم يقع على الطريق الوسطى وأخذ يمينا وشمالا فقد ضل.
ثم فسر قوله: " أخذ يمينا وشمالا "، فقال: " ظعنوا ظعنا في مسالك الغي، وتركوا مذاهب الرشد تركا "، وينصب " تركا " و " ظعنا " على المصدرية، والعامل فيهما من غير لفظهما (١)، وهو قوله: " أخذوا ".
ثم نهاهم عن استعجال ما هو معد، ولا بد من كونه ووجوده، وإنما سماه كائنا لقرب كونه، كما قال تعالى: ﴿إنك ميت وإنهم ميتون﴾ (٢) ونهاهم أن يستبطئوا ما يجئ في الغد لقرب وقوعه، كما قال:
* وإن غدا للناظرين قريب * وقال الآخر:
* غد ما غد ما أقرب اليوم من غد * وقال تعالى: ﴿إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب﴾ (3).
ثم قال: كم من مستعجل أمرا ويحرص عليه، فإذا حصل ود أنه لم يحصل قال أبو العتاهية:
من عاش لاقى ما يسوء * من الأمور وما يسر (4) ولرب حتف فوقه * ذهب وياقوت ودر وقال آخر:
فلا تتمنين الدهر شيئا * فكم أمنية جلبت منيه