شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٩ - الصفحة ١١٤
وما تدرى إذا ألقحت شولا (1) * أتنتج بعد ذلك أم تحيل (2) * * * وأما الزبير فقتله ابن جرموز غيلة بوادي السباع، وهو منصرف عن الحرب، نادم على ما فرط منه، وتقدم ذكر كيفية قتله فيما سبق.
وروى الكلبي، قال: كان العرق الذي أصابه السهم إذا أمسكه طلحة بيده استمسك، وإذا رفع يده عنه سال، فقال طلحة: هذا سهم أرسله الله تعالى، وكان أمر الله قدرا مقدورا، ما رأيت كاليوم دم قرشي أضيع!
قال: وكان الحسن البصري إذا سمع هذا وحكى له، يقول: ذق عقعق (3)!
وروى أبو مخنف، عن عبد الله بن عون، عن نافع، قال: سمعت مروان بن الحكم يقول: أنا قتلت طلحة.
وقال أبو مخنف: وقد قال عبد الملك بن مروان: لولا أن أبى أخبرني أنه رمى طلحة فقتله، ما تركت تيميا إلا قتلته بعثمان. قال: يعنى أن محمد بن أبي بكر وطلحة قتلاه، وكانا تيميين.
قال أبو مخنف: وحدثنا عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه جندب بن عبد الله، قال: مررت بطلحة، وإن معه عصابة يقاتل بهم، وقد فشت فيهم الجراح، وكثرهم الناس، فرأيته جريحا، والسيف في يده، وأصحابه يتصدعون (4) عنه رجلا فرجلا، واثنين فاثنين، وأنا أسمعه، وهو يقول: عباد الله، الصبر الصبر، فإن بعد الصبر النصر والاجر،

(1) الشول من النوق: التي خف لبنها وارتفع ضرعها، وأتى عليها سبعة أشهر من يوم نتاجها، فلم يبق في ضروعها إلا شوال من اللبن أو بقية.
(2) تحيل: لم تلقح.
(3) العقعق، كثعلب: طائر على قدر الحمامة، على شكل الغراب، وجناحاه أكبر من جناحي الحمامة، والعرب تضرب ب المثل فيما لا يحمد.
(4) يتصدعون: يتفرقون، وفى د " ينصدعون ".
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست