شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٩ - الصفحة ١١٢
ثم قال: أفرغ الله علينا وعليكم الصبر، وأعز لنا ولكم النصر، وكان لنا ولكم ظهيرا في كل أمر. ثم رفع مصحفا بيده، فقال: من يأخذ هذا المصحف، فيدعوهم إلى ما فيه، وله الجنة؟ فقام غلام شاب اسمه مسلم، عليه قباء أبيض، فقال: أنا آخذه، فنظر إليه على وقال: يا فتى إن أخذته، فإن يدك اليمنى تقطع، فتأخذه بيدك اليسرى فتقطع، ثم تضرب بالسيف حتى تقتل. فقال الغلام: لا صبر لي على ذلك، فنادى على ثانية، فقام الغلام، وأعاد عليه القول، وأعاد الغلام القول مرارا، حتى قال الغلام: أنا آخذه، وهذا الذي ذكرت في الله قليل، فأخذه وانطلق، فلما خالطهم ناداهم: هذا كتاب الله بيننا وبينكم.
فضربه رجل فقطع يده اليمنى، فتناوله باليسرى فضربه أخرى فقطع اليسرى، فاحتضنه فضربوه بأسيافهم، حتى قتل فقالت أم ذريح العبدية في ذلك (1):
يا رب إن مسلما أتاهم (2) * بمصحف أرسله مولاهم للعدل والايمان قد دعاهم * يتلو كتاب الله لا يخشاهم فخضبوا من دمه ظباهم (3) * وأمهم واقفة تراهم (4) * تأمرهم بالغي لا تنهاهم (5) * قال أبو مخنف: فعند ذلك أمر علي عليه السلام ولده محمدا أن يحمل الراية، فحمل وحمل معه الناس، واستحر القتل في الفريقين وقامت الحرب على ساق.
* * *

(1) الأبيات والخبر في تاريخ الطبري (حوادث سنة 36) مع اختلاف في الرواية وترتيب الأبيات.
(2) في الطبري: " لأهم إن مسلما دعاهم ".
(3) الطبري: " قد خضبت من علق لحاهم ".
(4) الطبري: " وأمهم قائمة ".
(5) الطبري: " يأتمرون الغي ".
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست