أي وسموا صدقهم فرية على الله، فإن امتنع ان يتعلق حرف الجر به لتقدمه عليه، وهو مصدر، فليكن متعلقا بفعل مقدر دل عليه هذا المصدر الظاهر. وروى: وجعلوا في الحسنة العقوبة السيئة " والرواية الأولى بالإضافة أكثر وأحسن.
ولموعود هاهنا: الموت. والقارعة: المصيبة تقرع، أي تلقى بشدة وقوة.
* * * الأصل:
أيها الناس، إنه من استنصح الله وفق، ومن اتخذ قوله دليلا هدى للتي هي أقوم، فإن جار الله آمن، وعدوه خائف.
وإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعظم، فإن رفعة الذين يعلمون ما عظمته أن يتواضعوا له، وسلامة الذين يعلمون ما قدرته أن يستسلموا له.
فلا تنفروا من الحق نفار الصحيح من الأجرب، والبارئ من ذي السقم.
واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه.
فالتمسوا ذلك من عند أهله، فإنهم عيش العلم، وموت الجهل، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم، وصمتهم عن منطقهم، وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق، وصامت ناطق.
* * * الشرح:
من استنصح الله: من أطاع أوامره وعلم أنه يهديه إلى مصالحه، ويرده عن مفاسده ويرشده إلى ما فيه نجاته، ويصرفه عما فيه عطبه.