جوارحها إليها حتى يدخل عليها فيربطها، يقول: لا أكون مقرا بالضيم راغنا (1)، أسمع الناعي المخبر عن قتل عسكر الجمل لحكيم بن جبلة وأتباعه، فلا يكون عندي من التغيير والانكار لذلك، إلا أن أسمعه وأحضر الباكين على قتلاهم.
وقوله: " لكل ضلة علة، ولكل ناكث شبهة "، هو جواب سؤال مقدر، كأنه يقول: إن قيل: لأي سبب خرج هؤلاء؟ فإنه لابد أن يكون لهم تأويل في خروجهم، وقد قيل: إنهم يطلبون بدم عثمان، فهو عليه السلام قال: كل ضلالة فلا بد لها من علة اقتضتها، وكل ناكث فلا بد له من شبهة يستند إليها.
وقوله: " لينتزعن هذا نفس هذا " قول صحيح لا ريب فيه، لان الرياسة لا يمكن أن يدبرها اثنان معا، فلو صح لهما ما أراداه لوثب حدهما على الاخر فقتله، فإن الملك عقيم، وقد ذكر أرباب السيرة أن الرجلين اختلفا من قبل وقوع الحرب، فإنهما اختلفا في الصلاة، فأقامت عائشة محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير، يصلى هذا يوما، وهذا يوما، إلى أن تنقضي الحرب.
ثم إن عبد الله بن الزبير ادعى أن عثمان نص عليه بالخلافة يوم الدار، واحتج في ذلك بأنه استخلفه على الصلاة، واحتج تارة أخرى بنص صريح زعمه وادعاه، وطلب طلحة من عائشة أن يسلم الناس عليه بالإمرة، وأدلى إليها بالتيمية، وأدلى الزبير إليها بأسماء أختها، فأمرت الناس أن يسلموا عليهما معا بالإمرة.
واختلفا في تولى القتال، فطلبه كل منهما أولا، ثم نكل كل منهما عنه وتفادى (2) منه.
وقد ذكرنا في الاجزاء المتقدمة قطعة صالحة من أخبار الجمل.