شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٠٦
محل أوليائه، وسألوه أن يفردهم ناحية، ولا يخلطهم بعسكره، ليظهر من حسن جهادهم بين يديه، وخلوص نياتهم في الحرب، ونكايتهم في العدو وما يعرف به طاعتهم، وإقلاعهم عما كانوا عليه من جهلهم.
فأجابهم إلى ذلك، وعرفهم حسن ما ظهر له من طاعتهم فخرجوا من عنده مبتهجين بما أجيبوا به من حسن القول وجميل الوعد.
* * * قال أبو جعفر: ثم استعد أبو أحمد ورتب جيشه، ودخل إلى عسكر الناجم بشرقي نهر أبى الخصيب في خمسين ألف مقاتل، من البر والبحر، فرسانا ورجالة، يكبرون ويهللون ويقرأون القرآن، ولهم ضجيج وأصوات هائلة. فرأى الناجم منهم ما هاله، وتلقاهم بنفسه وجيشه، وذلك في ذي القعدة سنة تسع وستين ومائتين.
واشتبكت الحرب، وكثر القتل والجراح، وحامى الزنج عن صاحبهم وأنفسهم أشد محاماة، واستماتوا، وصبر أصحاب أبي أحمد، وصدقوا القتال، فمن الله عليهم بالنصر، وانهزم الزنج، وقتل منهم خلق عظيم، وأسر منهم أسرى كثيرة، فضرب أبو أحمد أعناق الأسارى في المعركة، وقصد بنفسه دار الناجم، فوافاها وقد لجأ الناجم إليها، ومعه أنجاد أصحابه للمدافعة عنه.
فلما لم يغنوا شيئا أسلموها، وتفرقوا عنها، ودخلها غلمان الموفق، وبها بقايا ما كان سلم له من مال وأثاث، فأخذوه وانتهبوه، وأخذوا حرمه وولده الذكور والإناث، وتخلص الناجم بنفسه، ومضى هاربا نحو دار علي بن أبان المهلبي، لا يلوي على أهل ولا ولد ولا مال، وأحرقت داره، وحمل أولاده ونساؤه إلى الموفقية في التوكيل، وقصد أصاب أبى أحمد دار المهلبي، وقد لجأ إليها الناجم وأكثر الزنج، وتشاغل أصحاب أبي أحمد بنهب
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303