موبق مهلك، وفي الخبر الصحيح المتفق عليه أنه لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق، وحسبك بهذا الخبر، ففيه وحده كفاية.
[فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم] فأما الغلاة فيه فهالكون كما هلك الغلاة في عيسى عليه السلام. وقد روى المحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له عليه السلام: " فيك مثل من عيسى بن مريم، أبغضته اليهود فبهتت أمه، وأحبته النصارى فرفعته فوق قدره "، وقد كان أمير المؤمنين عثر على قوم من أصحابه خرجوا من حد محبته باستحواذ الشيطان عليهم إ أن كفروا بربهم، وجحدوا ما جاء به نبيهم، فاتخذوه ربا وادعوه إلها، وقالوا له: أنت خالقنا ورازقنا، فاستتابهم، واستأنى وتوعدهم، فأقاموا على قولهم، فحفر لهم حفرا دخن عليهم فيها، طمعا في رجوعهم، فأبوا فحرقهم، وقال:
ألا تروني قد حفرت حفرا (1) * إني إذا رأيت أمرا منكرا * أوقدت ناري ودعوت قنبرا * وروى أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي، عن محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي، المعروف بنوين وروى أيضا عن علي بن محمد النوفلي عن مشيخته، أن عليا عليه السلام مر بقوم وهم يأكلون في شهر رمضان نهارا، فقال: أسفر أم مرضى؟ قالوا:
لا ولا واحدة منهما، قال: فمن أهل الكتاب أنتم فتعصمكم الذمة والجزية؟ قالوا: لا، قال: فما بال الاكل في نهار رمضان؟ فقاموا إليه، فقالوا: أنت أنت! يومون إلى ربوبيته، فنزل عليه السلام عن فرسه، فألصق خده بالأرض، وقال: ويلكم! إنما عبد من عبيد الله، فاتقوا الله وارجعوا إلى الاسلام. فأبوا فدعاهم مرارا، فأقاموا على كفرهم فنهض إليهم، وقال شدوهم وثاقا وعلى بالفعلة والنار والحطب ثم أمر بحفر بئرين