شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١١٩
موبق مهلك، وفي الخبر الصحيح المتفق عليه أنه لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق، وحسبك بهذا الخبر، ففيه وحده كفاية.
[فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم] فأما الغلاة فيه فهالكون كما هلك الغلاة في عيسى عليه السلام. وقد روى المحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له عليه السلام: " فيك مثل من عيسى بن مريم، أبغضته اليهود فبهتت أمه، وأحبته النصارى فرفعته فوق قدره "، وقد كان أمير المؤمنين عثر على قوم من أصحابه خرجوا من حد محبته باستحواذ الشيطان عليهم إ أن كفروا بربهم، وجحدوا ما جاء به نبيهم، فاتخذوه ربا وادعوه إلها، وقالوا له: أنت خالقنا ورازقنا، فاستتابهم، واستأنى وتوعدهم، فأقاموا على قولهم، فحفر لهم حفرا دخن عليهم فيها، طمعا في رجوعهم، فأبوا فحرقهم، وقال:
ألا تروني قد حفرت حفرا (1) * إني إذا رأيت أمرا منكرا * أوقدت ناري ودعوت قنبرا * وروى أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي، عن محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي، المعروف بنوين وروى أيضا عن علي بن محمد النوفلي عن مشيخته، أن عليا عليه السلام مر بقوم وهم يأكلون في شهر رمضان نهارا، فقال: أسفر أم مرضى؟ قالوا:
لا ولا واحدة منهما، قال: فمن أهل الكتاب أنتم فتعصمكم الذمة والجزية؟ قالوا: لا، قال: فما بال الاكل في نهار رمضان؟ فقاموا إليه، فقالوا: أنت أنت! يومون إلى ربوبيته، فنزل عليه السلام عن فرسه، فألصق خده بالأرض، وقال: ويلكم! إنما عبد من عبيد الله، فاتقوا الله وارجعوا إلى الاسلام. فأبوا فدعاهم مرارا، فأقاموا على كفرهم فنهض إليهم، وقال شدوهم وثاقا وعلى بالفعلة والنار والحطب ثم أمر بحفر بئرين

(1) الحفر: البئر الواسعة.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303