الحكمان ليحييا ما أحيا القرآن، ويميتا ما أمات القرآن، وإحياؤه الاجتماع عليه، وإماتته الافتراق عنه، فإن جرنا القرآن إليهم اتبعناهم، وإن جرهم إلينا اتبعونا، فلم آت لا أبا لكم بجرا، ولا ختلتكم عن أمركم، ولا لبسته عليكم.
إنما اجتمع رأى ملئكم على اختيار رجلين، أخذنا عليهما ألا يتعديا القرآن، فتاها عنه، وتركا الحق وهما يبصرانه، وكان الجور هواهما، فمضيا عليه، وقد سبق استثناؤنا عليهما في الحكومة بالعدل، والصمد للحق سوء رأيهما، وجور حكمهما.
* * * الشرح:
ليس لقائل أن يقول له عليه السلام معتذرا عن الخوارج: إنهم إنما ضللوا عامة أمة محمد صلى الله عليه وآله، وحكموا بخطئهم وكفرهم وقتلهم بالسيف خبطا، لأنهم وافقوك في تصويب التحكيم، وهو عندهم كفر فلم يأخذوهم بذنبك كما قلت لهم؟ وذلك لان أمير المؤمنين عليه السلام ما قال هذه المقالة إلا لمن رأى منهم استعراض العامة، وقتل الأطفال حتى البهائم، فقد كان منهم قوم فعلوا ذلك. وقد سبق منا شرح أفعالهم ووقائعهم بالناس، وقالوا: إن الدار دار كفر لا يجوز الكف عن أحد من أهلها، فهؤلاء هم الذين وجه أمير المؤمنين عليه السلام إليهم خطابه وإنكاره، دون غيرهم من فرق الخوارج.
[مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر] واعلم أن الخوارج كلها تذهب إلى تكفير أهل الكبائر، ولذلك أكفروا عليا عليه السلام ومن اتبعه على تصويب التحكيم، وهذا الاحتجاج الذي احتج به عليهم لازم وصحيح، لأنه لو كان صاحب الكبيرة كافرا لما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا ورثه من