شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١١٣
الحكمان ليحييا ما أحيا القرآن، ويميتا ما أمات القرآن، وإحياؤه الاجتماع عليه، وإماتته الافتراق عنه، فإن جرنا القرآن إليهم اتبعناهم، وإن جرهم إلينا اتبعونا، فلم آت لا أبا لكم بجرا، ولا ختلتكم عن أمركم، ولا لبسته عليكم.
إنما اجتمع رأى ملئكم على اختيار رجلين، أخذنا عليهما ألا يتعديا القرآن، فتاها عنه، وتركا الحق وهما يبصرانه، وكان الجور هواهما، فمضيا عليه، وقد سبق استثناؤنا عليهما في الحكومة بالعدل، والصمد للحق سوء رأيهما، وجور حكمهما.
* * * الشرح:
ليس لقائل أن يقول له عليه السلام معتذرا عن الخوارج: إنهم إنما ضللوا عامة أمة محمد صلى الله عليه وآله، وحكموا بخطئهم وكفرهم وقتلهم بالسيف خبطا، لأنهم وافقوك في تصويب التحكيم، وهو عندهم كفر فلم يأخذوهم بذنبك كما قلت لهم؟ وذلك لان أمير المؤمنين عليه السلام ما قال هذه المقالة إلا لمن رأى منهم استعراض العامة، وقتل الأطفال حتى البهائم، فقد كان منهم قوم فعلوا ذلك. وقد سبق منا شرح أفعالهم ووقائعهم بالناس، وقالوا: إن الدار دار كفر لا يجوز الكف عن أحد من أهلها، فهؤلاء هم الذين وجه أمير المؤمنين عليه السلام إليهم خطابه وإنكاره، دون غيرهم من فرق الخوارج.
[مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر] واعلم أن الخوارج كلها تذهب إلى تكفير أهل الكبائر، ولذلك أكفروا عليا عليه السلام ومن اتبعه على تصويب التحكيم، وهذا الاحتجاج الذي احتج به عليهم لازم وصحيح، لأنه لو كان صاحب الكبيرة كافرا لما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا ورثه من
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303