شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٧٢
(١٣٣) الأصل:
ومن كلام له عليه السلام:
وانقادت له الدنيا والآخرة بأزمتها، وقذفت إليه السماوات والأرضون مقاليدها، وسجدت له بالغدو والآصال الأشجار الناضرة، وقدحت له من قضبانها النيران المضيئة، وآتت أكلها بكلماته الثمار اليانعة.
* * * الشرح:
الضمير في " له " يرجع إلى الله تعالى، وقد كان تقدم ذكر سبحانه في أول الخطبة، وإن لم يذكره الرضى رحمه الله، ومعنى انقياد الدنيا والآخرة له نفوذ حكمه فيهما، وشياع قدرته وعمومها.
وأزمتها: لفظة مستعارة من انقياد الإبل بأزمتها مع قائدها. والمقاليد المفاتيح.
ومعنى سجود الأشجار الناضرة له تصرفها حسب إرادته، وكونها مسخرة له محكوما عليها بنفوذ قدرته فيها: فجعل عليه السلام ذلك خضوعا منها لمشيئته، واستعار لها ما هو أدل على خضوع الانسان من جمع أفعاله، وهو السجود ومنه قوله تعالى: ﴿ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس﴾ (1).

(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست