شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٧٦
الدنيا والآخرة، أهل الدنيا منتهى بصرهم دنياهم، ويظنون أنهم يبصرون شيئا وليسوا بمبصرين على الحقيقة، ولا حواسهم نافذة في شئ وأهل الآخرة قد نفذت أبصارهم، فرأوا الآخرة، ولم يقف إحساسهم على الدنيا خاصة، فأولئك هم أصحاب الابصار على الحقيقة، وهذا معنى شريف من معاني أصحاب الطريقة والحقيقة، وإليه الإشارة بقوله سبحانه:
﴿أم لهم أعين يبصرون بها﴾ (١) فأما قوله: " فالبصير منها شاخص، والأعمى إليها شاخص "، فمن مستحسن التجنيس، وهذا هو الذي يسميه أرباب الصناعة الجناس التام، فالشاخص الأول الراحل، والشاخص الثاني، من شخص بصره، بالفتح، إذا فتح عينه نحو الشئ مقابلا له، وجعل لا يطرف.
[فصل في الجناس وأنواعه] واعلم أن الجناس على سبعة أضرب (٢):
أولها: الجناس التام كهذا اللفظ، وحده أن تتساوى حروف ألفاظ الكلمتين في تركيبها وفى وزنها، قالوا: ولم يرد في القرآن العزيز منه إلا موضع واحد، وهو قوله:
﴿ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة﴾ (3).
وعندي أن هذا ليس بتجنيس أصلا، وقد ذكرته في كتابي المسمى " بالفلك الدائر على المثل السائر " وقلت: إن الساعة في الموضعين بمعنى واحد، والتجنيس أن يتفق اللفظ ويختلف المعنى، ولا يكون أحدهما حقيقة والاخر مجازا، بل يكونان حقيقتين، وإن

(١) سورة الأعراف ١٩٥.
(٢) هذا التقسيم، مع معظم الشواهد أورده ابن الأثير في المثل السائر ١: ٢٤٦ وما بعدها.
(٣) سورة الروم ٥٥.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303