ما سمى المنصور الثاني! ولولا قيامه في حرب الزنج، لا نقرض ملك أهل بيته، ولكن الله تعالى ثبته لما يريده من بقاء هذه الدولة.
* * * قال أبو جعفر: ثم جد الموفق في تخريب السور، وإحراق المدينة، وجد الناجم في إعداد المقاتلة والمحاطة عن سوره ومدينته، فكانت بين الفريقين حروب عظيمة تجل عن الوصف، ورمى الناجم سفن الموفق المقاربة لسور مدينته بالرصاص المذاب، والمجانيق والعرادات، وأمر أبو أحمد بإعداد ظلة (1) من خشب [للشذا (2)] وإلباسها جلود الجواميس، وتغطية ذلك بالخيوش المطلية بصنوف العقاقير والأدوية التي تمنع النار من الاحراق، ففعل ذلك، وحورب صاحب الزنج من تحتها، فلم تعمل ناره ورصاصه المذاب فيها شيئا، واستأمن إلى أبى أحمد محمد بن سمعان، كاتب الناجم ووزيره في شعبان من هذه السنة، فهد باستئمانه أركان الناجم، وأضعف قوته، وانتدب أبو العباس لقصد دار محمد بن يحيى الكرنبائي، وكانت بإزاء دار الناجم، وشرع في الحيلة في إحراقها، وأحرق الموفق كثيرا من الرواشين (3) المظلة على سور المدينة وشعثها، وعلا غلمان أبى أحمد على دار الناجم وولجوها وانتهبوها، وأضرموا النار فيها، وفعل أبو العباس بدار الكرنبائي مثل ذلك، وجرح أنكلاني بن الناجم في بطنه جراحة شديدة، أشفى منها على التلف، واتفق مع هذا الظفر العظيم أن غرق أبو حمزة نصير صاحب جيش الماء عند ازدحام الشذوات وإكباب الزنج على الحرب، فصعب ذلك على أبى أحمد، وقوى بغرقه أمر الزنج، وانصرف أبو أحمد