شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٠٢
ما سمى المنصور الثاني! ولولا قيامه في حرب الزنج، لا نقرض ملك أهل بيته، ولكن الله تعالى ثبته لما يريده من بقاء هذه الدولة.
* * * قال أبو جعفر: ثم جد الموفق في تخريب السور، وإحراق المدينة، وجد الناجم في إعداد المقاتلة والمحاطة عن سوره ومدينته، فكانت بين الفريقين حروب عظيمة تجل عن الوصف، ورمى الناجم سفن الموفق المقاربة لسور مدينته بالرصاص المذاب، والمجانيق والعرادات، وأمر أبو أحمد بإعداد ظلة (1) من خشب [للشذا (2)] وإلباسها جلود الجواميس، وتغطية ذلك بالخيوش المطلية بصنوف العقاقير والأدوية التي تمنع النار من الاحراق، ففعل ذلك، وحورب صاحب الزنج من تحتها، فلم تعمل ناره ورصاصه المذاب فيها شيئا، واستأمن إلى أبى أحمد محمد بن سمعان، كاتب الناجم ووزيره في شعبان من هذه السنة، فهد باستئمانه أركان الناجم، وأضعف قوته، وانتدب أبو العباس لقصد دار محمد بن يحيى الكرنبائي، وكانت بإزاء دار الناجم، وشرع في الحيلة في إحراقها، وأحرق الموفق كثيرا من الرواشين (3) المظلة على سور المدينة وشعثها، وعلا غلمان أبى أحمد على دار الناجم وولجوها وانتهبوها، وأضرموا النار فيها، وفعل أبو العباس بدار الكرنبائي مثل ذلك، وجرح أنكلاني بن الناجم في بطنه جراحة شديدة، أشفى منها على التلف، واتفق مع هذا الظفر العظيم أن غرق أبو حمزة نصير صاحب جيش الماء عند ازدحام الشذوات وإكباب الزنج على الحرب، فصعب ذلك على أبى أحمد، وقوى بغرقه أمر الزنج، وانصرف أبو أحمد

(1) الطبري " ظلال "، وهما اسم جمع، وأحدهما ظلة، بالضم.
(2) من الطبري.
(3) الرواشين: جمع روشن، وهو الكوة.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303