عزمه على لقاء الناجم بجميع عسكره، فرتب جيوشه، وقسمهم على القواد، وأمر كل واحد من القواد أن يقصد جهة من جهات معسكر الناجم عينها له، وركب بنفسه، وركب جيشه، وتوغلوا في مسالك شرقي نهر أبى الخصيب، ولقيهم الزنج، وقد حشدوا واستقبلوا فكانت بينهم وقعة شديدة، منحهم الله تعالى فيها أكتاف الزنج، فولوا منهزمين، فاتبعهم أصحاب أبي أحمد يقتلون ويأسرون، فقتل منهم كثير، وغرق كثير، وحوى أصحاب أبي أحمد معسكر الناجم ومدينته، وظفروا بعيال علي بن أبان المهلبي وداره وأمواله، فاحتووا عليها، وعبر أهله أو ولادة إلى الموفقية مع كلابهم، ومضى الناجم ومعه المهلبي وابنه أنكلاني، وسليمان بن جامع، والهمداني وجماعة من أكابر القواد، عامدين إلى موضع كان الناجم قد أعده لنفسه ملجأ إذا غلب على مدينته وداره في النهر المعروف بالسفياني، فتقدم أبو أحمد ومعه لؤلؤ قاصدين هذا النهر، لان أبا أحمد دل عليه فأوغل في الدخول، وفقده أصحابه، فظنوا أنه رجع، فرجعوا كلهم وعبروا دجلة في الشذا ظانين أنه عبر راجعا، وانتهى أبو أحمد ومعه لؤلؤ، قاصدين هذا النهر، فاقتحمه لؤلؤ بفرسه، وعبر أصحاب لؤلؤ خلفه.
ووقف أبو أحمد في جماعة من أصحابه عند النهر، ومضى الناجم هاربا، ولؤلؤ يتبعه في أصحابه، حتى انتهى إلى النهر المعروف بالقريري، فوصل إليه لؤلؤ وأصحابه، فأوقعوا به وبمن معه فكشفوهم فولوا هاربين حتى عبروا النهر المذكور، ولؤلؤ وأصحابه يطردونهم من ورائهم، حتى ألجئوهم إلى نهر آخر، فعبروه واعتصموا بدحال وراءه، فولجوها، وأشرف لؤلؤ وأصحابه عليها فأرسل إليه الموفق ينهاه عن اقتحامها، ويشكر سعيه، ويأمره بالانصراف، فانفرد لؤلؤ هذا اليوم وأصحابه بهذا الفعل، دون أصحاب الموفق، فانصرف لؤلؤ محمود الفعل، فحمله الموفق معه في شذاته وجدد له من البر والكرامة ورفع المنزلة لما كان منه في أمر الناجم، حسبما كان مستحقا له، ولهذا نادى