شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٠١
خالية من معاني الخلافة، لا أمر له ولا نهى، ولا حل ولا عقد، وأبو أحمد هو الذي يرتب الوزراء والكتاب، ويقود القواد، ويقطع الاقطاع، ولا يراجع المعتمد في شئ من الأمور أصلا، فاتصل به خبر المعتمد في شخوصه عن سامراء، وقصده ابن طولون، فكاتب إسحاق بن كنداحيق وهو يومئذ على الموصل والجزيرة، فأمره أن يعترض المعتمد، ويقبض عليه وعلى القواد والموالي الذين معه ويعيدهم إلى سامراء، وكتب لإسحاق بإقطاعه ضياع أولئك القواد والموالي بأجمعهم، فاعترضهم إسحاق، وقد قربوا من الرقة، فأخذهم وقبض عليهم، وقيدهم بالقيود الثقيلة ودخل على المعتمد فعنفه، وهجنه وعذله في شخوصه عن دار ملكه وملك آبائه، ومفارقة أخيه على الحال التي هو بها، وحرب من يحاول قتله، وقتل أهل بيته وزوال ملكهم.
ثم حملهم في قيودهم حتى وافى بهم سامراء، فأقر المعتمد على خلافته، ومنعه عن الخروج، وأرسل أبو أحمد ابنه هارون، وكاتبه صاعد بن مخلد من الموفقية إلى سامراء فخلعا على ابن كنداحيق، خلعا جليلة، وقلد بسيفين من ذهب، ولقب ذا السيفين، وهو أول من قلد بسيفين، ثم خلع عليه بعد ذلك بيوم قباء ديباج أسود، ووشاحين مرصعين بالجوهر الثمين، وتوج بتاج من ذهب مرصع بنفيس الجوهر، وقلد سيفا من ذهب مرصع بالجواهر العظيمة، وشيعه إلى منزله هارون وصاعد، وقعدا على طعامه، كل ذلك مكافأة له عن صنيعه في أمر المعتمد. فليعجب المتعجب من همة الموفق أبى أحمد، وقوة نفسه، وشدة شكيمته! أن يكون بإزاء ذلك العدو، ويقتل من أصحابه كل وقت من يقتل، ثم يصاب ولده بسهم، ويصاب هو بسهم آخر في صدره يشارف منه على الموت، ويحدث من أخيه وهو الخليفة ما يحدث، ولا تنكسر نفسه ولا يهي عزمه، ولا تضعف قوته. وبحق
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303