شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٢٦
وقوله: " لا يندب قتيلهم ": ليس يريد به من يقتلونه، بل القتيل منهم، وذلك لان أكثر الزنج الذين أشار إليهم، كانوا عبيدا لدهاقين البصرة وبناتها، ولم يكونوا ذوي زوجات وأولاد، بل كانوا على هيئة الشطار عزابا فلا نادبة لهم.
وقوله: " ولا يفقد غائبهم "، يريد به كثرتهم وأنهم كلما قتل منهم قتيل سد مسدة غيره، فلا يظهر أثر فقده.
وقوله: " أنا كأب الدنيا لوجهها " مثل الكلمات المحكية عن عيسى عليه السلام:
أنا الذي كببت الدنيا على وجهها ليس، لي زوجة تموت، ولا بيت يخرب، وسادي الحجر وفراشي المدر، وسراجي القمر.
* * * [أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد] فأما صاحب الزنج (1) هذا فإنه ظهر في فرات البصرة في سنة خمس وخمسين ومائتين رجل زعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام فتبعه الزنج الذين كانوا يكسحون (2) السباخ في البصرة.
وأكثر الناس يقدحون في نسبه وخصوصا الطالبيين.. وجمهور النسابين اتفقوا على

(1) ذكره صاحب الاعلام فقال: " علي بن محمد الورزنيني العلوي، الملقب بصاحب الزنج، من كبار أصحاب الفتن في العهد العباسي، وفتنته معروفة بفتنة الزنج، لان أكثر أنصاره منهم. ولد ونشأ في ورزنين، إحدى قرى الري، وظهر في أيام المهتدي بالله العباسي، سنة 255 ه‍، وكان يرى رأى الأزارقة، والتف حوله سودان أهل البصرة ورعاعها، فامتلكها واستولى على الأبلة، وتتابعت لقتاله الجيوش، فكان يظهر عليها ويشتتها، ونزل البطائح، وامتلك الأهواز، وأغار على واسط، وبلغ عدد جيشه ثمانمائة ألف مقاتل، وجعل مقامه في قصر اتخذه بالمختارة، وعجز عن قتاله الخلفاء، حتى ظفر به الموفق بالله، فقتله، وبعث برأسه إلى بغداد. قال المرزباني: تروى له أشعار كثيرة في البسالة والفتك كان يقولها وينحلها غيره، وفي نسبه العلوي طعن وخلاف.
(2) كسح البيت: كنسه، ثم استعير لتنقية البئر والنهر وغيره.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303