الناجم في جماعة من كماته من قواد الزنج: منهم المهلبي، وفارقه ابنه أنكلاني وسليمان ابن جامع، فكانا في أول الأمر مجتمعين، ثم افترقا في الهزيمة، فصادف سليمان بن جامع قوم من قواد الموفق، فحاربوه وهو في جمع كثيف من الزنج، فقتل جماعة من كماته، وظفر به فأسر، وحمل إلى الموفق بغير عهد ولا عقد، فاستبشر الناس بأسر سليمان، وكثر التكبير والضجيج، وأيقنوا بالفتح إذ كان أكثر أصحابه غناء، وأسر بعده إبراهيم ابن جعفر الهمداني وكان من عظماء قواده وأكابر أمراء جيوشه، وأسر نادر الأسود المعروف بالحفار، وهو من قدماء قواد الناجم، فأمر الموفق بتقييدهم بالحديد، وتصييرهم في شذاة لأبي العباس، ومعهم الرجال بالسلاح، وجد الموفق في طلب الناجم، وأمعن في نهر أبى الخصيب، حتى انتهى إلى آخره.
فبينا هو كذلك، أتاه البشير بقتل الناجم فلم يصدق، فوافاه بشير آخر، ومعه كف زعم أنها كفه، فقوى الخبر عنده بعض القوة، فلم يلبث أن أتاه غلام من غلمان لؤلؤ يركض ومعه رأس الناجم، فوضعه بين يديه، فعرضه الموفق على من كان حاضرا تلك الحال معه من قواد المستأمنة، فعرفوه، وشهدوا أنه رأس صاحبه، فخر ساجدا (1)، وسجد ابنه أبو العباس، وسجد القواد كلهم شكرا لله تعالى، ورفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير، وأمر برفع الرأس على قناة، ونصبه بين يديه، فرآه الناس، وارتفعت الأصوات والضجيج.
قال أبو جعفر: وقد قيل: إنه لما أحيط بالناجم لم يبق معه من رؤساء أصحابه إلا المهلبي، فلما علما أنهما مقتولان افترقا، فوقف الناجم حتى وصل إليه هذا الغلام ومعه جماعة من غلمان لؤلؤ، فمانع عن نفسه بسيفه حتى عجز عن الممانعة، فأحاطوا به وضربوه بسيوفهم، حتى سقط، ونزل هذا الغلام فاحتز رأسه، وأما المهلبي فإنه قصد النهر المعروف