شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢١٠
الناجم في جماعة من كماته من قواد الزنج: منهم المهلبي، وفارقه ابنه أنكلاني وسليمان ابن جامع، فكانا في أول الأمر مجتمعين، ثم افترقا في الهزيمة، فصادف سليمان بن جامع قوم من قواد الموفق، فحاربوه وهو في جمع كثيف من الزنج، فقتل جماعة من كماته، وظفر به فأسر، وحمل إلى الموفق بغير عهد ولا عقد، فاستبشر الناس بأسر سليمان، وكثر التكبير والضجيج، وأيقنوا بالفتح إذ كان أكثر أصحابه غناء، وأسر بعده إبراهيم ابن جعفر الهمداني وكان من عظماء قواده وأكابر أمراء جيوشه، وأسر نادر الأسود المعروف بالحفار، وهو من قدماء قواد الناجم، فأمر الموفق بتقييدهم بالحديد، وتصييرهم في شذاة لأبي العباس، ومعهم الرجال بالسلاح، وجد الموفق في طلب الناجم، وأمعن في نهر أبى الخصيب، حتى انتهى إلى آخره.
فبينا هو كذلك، أتاه البشير بقتل الناجم فلم يصدق، فوافاه بشير آخر، ومعه كف زعم أنها كفه، فقوى الخبر عنده بعض القوة، فلم يلبث أن أتاه غلام من غلمان لؤلؤ يركض ومعه رأس الناجم، فوضعه بين يديه، فعرضه الموفق على من كان حاضرا تلك الحال معه من قواد المستأمنة، فعرفوه، وشهدوا أنه رأس صاحبه، فخر ساجدا (1)، وسجد ابنه أبو العباس، وسجد القواد كلهم شكرا لله تعالى، ورفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير، وأمر برفع الرأس على قناة، ونصبه بين يديه، فرآه الناس، وارتفعت الأصوات والضجيج.
قال أبو جعفر: وقد قيل: إنه لما أحيط بالناجم لم يبق معه من رؤساء أصحابه إلا المهلبي، فلما علما أنهما مقتولان افترقا، فوقف الناجم حتى وصل إليه هذا الغلام ومعه جماعة من غلمان لؤلؤ، فمانع عن نفسه بسيفه حتى عجز عن الممانعة، فأحاطوا به وضربوه بسيوفهم، حتى سقط، ونزل هذا الغلام فاحتز رأسه، وأما المهلبي فإنه قصد النهر المعروف

(1) بعدها في الطبري: " على ما أولاه وأبلاه ".
(٢١٠)
مفاتيح البحث: القتل (2)، التكبير (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303