الأموال من دور الزنج، فاغتنم الناجم تشاغلهم بالنهب، فأمر قواده بانتهاز الفرصة، والإكباب عليهم، فخرجوا عليهم من عدة مواضع، وخرج عليهم كمناء أيضا قد كانوا كمنوهم لهم، فكشفوهم واتبعوهم حتى وافوا بهم نهر أبى الخصيب، فقتلوا من فرسانهم ورجالتهم جماعة، وارتجعوا بعض ما كانوا أخذوه من المال والمتاع.
ثم تراجع الناس، ودامت الحرب إلى وقت العصر، فرأى أبو أحمد عند ذلك أن يصرف أصحابه، فأمرهم بالرجوع فرجعوا على هدوء وسكون، كي لا تكون هزيمة، حتى دخلوا سفنهم، وأحجم الزنج عن اتباعهم، وعاد أبو أحمد بالجيش إلى مراكزهم.
قال أبو جعفر: ووافى إلى أبى أحمد في هذا الشهر كاتبه صاعد بن مخلد من سامراء في عشرة آلاف، ووافى إليه لؤلؤ صاحب ابن طولون - وكان إليه أمر الرقة وديار مضر - في عشرة آلاف من نخبة الفرسان وأنجادهم، فأمر أبو أحمد لؤلؤا أن يخرج في عسكره فيحارب الزنج، فخرج بهم ومعه من أصحاب أبي أحمد من يدله على الطرق والمضايق، فكانت بين لؤلؤ وبين الزنج حرب شديدة في ذي الحجة من هذه السنة، استظهر فيها لؤلؤ عليهم، وبأن من نجدته وشجاعته وإقدام أصحابه، وصبرهم على ألم الجراح وثبات قلوبهم ما سر أبا أحمد وملأ قلبه.
* * * قال أبو جعفر: فلما دخلت سنة سبعين ومائتين، تتابعت الامداد إلى أبى أحمد من سائر الجهات، فوصل إليه أحمد بن دينار في جمع عظيم من المطوعة، من كور الأهواز ونواحيها، وقدم بعده من أهل البحرين جمع كثير من المطوعة زهاء ألفي رجل، يقودهم رجل من عبد القيس، وورد بعد ذلك زهاء ألف رجل من فارس، ورئيسهم شيخ من المطوعة يكنى أبا سلمة، وكان أبو أحمد يجلس لكل من يرد ويخلع عليه ويقيم لأصحابه الانزال الكثيرة، ويصلهم بالصلات، فعظم جيشه جدا، وامتلأت بهم الأرض، وصح