شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٠٧
الأموال من دور الزنج، فاغتنم الناجم تشاغلهم بالنهب، فأمر قواده بانتهاز الفرصة، والإكباب عليهم، فخرجوا عليهم من عدة مواضع، وخرج عليهم كمناء أيضا قد كانوا كمنوهم لهم، فكشفوهم واتبعوهم حتى وافوا بهم نهر أبى الخصيب، فقتلوا من فرسانهم ورجالتهم جماعة، وارتجعوا بعض ما كانوا أخذوه من المال والمتاع.
ثم تراجع الناس، ودامت الحرب إلى وقت العصر، فرأى أبو أحمد عند ذلك أن يصرف أصحابه، فأمرهم بالرجوع فرجعوا على هدوء وسكون، كي لا تكون هزيمة، حتى دخلوا سفنهم، وأحجم الزنج عن اتباعهم، وعاد أبو أحمد بالجيش إلى مراكزهم.
قال أبو جعفر: ووافى إلى أبى أحمد في هذا الشهر كاتبه صاعد بن مخلد من سامراء في عشرة آلاف، ووافى إليه لؤلؤ صاحب ابن طولون - وكان إليه أمر الرقة وديار مضر - في عشرة آلاف من نخبة الفرسان وأنجادهم، فأمر أبو أحمد لؤلؤا أن يخرج في عسكره فيحارب الزنج، فخرج بهم ومعه من أصحاب أبي أحمد من يدله على الطرق والمضايق، فكانت بين لؤلؤ وبين الزنج حرب شديدة في ذي الحجة من هذه السنة، استظهر فيها لؤلؤ عليهم، وبأن من نجدته وشجاعته وإقدام أصحابه، وصبرهم على ألم الجراح وثبات قلوبهم ما سر أبا أحمد وملأ قلبه.
* * * قال أبو جعفر: فلما دخلت سنة سبعين ومائتين، تتابعت الامداد إلى أبى أحمد من سائر الجهات، فوصل إليه أحمد بن دينار في جمع عظيم من المطوعة، من كور الأهواز ونواحيها، وقدم بعده من أهل البحرين جمع كثير من المطوعة زهاء ألفي رجل، يقودهم رجل من عبد القيس، وورد بعد ذلك زهاء ألف رجل من فارس، ورئيسهم شيخ من المطوعة يكنى أبا سلمة، وكان أبو أحمد يجلس لكل من يرد ويخلع عليه ويقيم لأصحابه الانزال الكثيرة، ويصلهم بالصلات، فعظم جيشه جدا، وامتلأت بهم الأرض، وصح
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303