والقسم الثاني ما يعلمه بعض البشر بإعلام الله تعالى إياه، وهو ما عدا هذه الخمسة، والاخبار بملحمة الأتراك من جملة ذلك.
وتضطم عليه جوانحي تفتعل، من الضم، وهو الجمع أي يجتمع عليه جوانح صدري، ويروى: " جوارحي "، وقد روى أن إنسانا قال لموسى بن جعفر عليه السلام:
إني رأيت الليلة في منامي أنى سألتك: كم بقي من عمري؟ فرفعت يدك اليمنى، وفتحت أصابعها في وجهي مشيرا إلى، فلم أعلم خمس سنين، أم خمسة أشهر، أم خمسة أيام! فقال:
ولا واحدة منهن، بل ذاك إشارة إلى الغيوب الخمسة التي استأثر الله تعالى بها في قوله: (إن الله عنده علم الساعة...) الآية.
فإن قلت: لم ضحك عليه السلام لما قال له الرجل: " لقد أوتيت علم الغيب "؟
وهل هذا إلا زهو في النفس، وعجب بالحال!
قلت: قد روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله ضحك في مناسب هذه الحال لما استسقى فسقى وأشرف درور المطر، فقام إليه الناس فسألوه أن يسأل الله تعالى أن يحبسه عنهم، فدعا، وأشار بيده إلى السحاب، فانجاب حول المدينة كالإكليل، وهو عليه السلام يخطب على المنبر، فضحك حتى بدت نواجذه، وقال: أشهد أنى رسول الله، وسر هذا الامر أن النبي أو الولي إذا تحدث عنده نعمة الله سبحانه، أو عرف الناس وجاهته عند الله، فلا بد أن يسر بذلك وقد يحدث الضحك من السرور، وليس ذلك بمذموم إذا خلا من التيه والعجب، وكان محض السرور والابتهاج، وقد قال تعالى في صفة أوليائه:
﴿فرحين بما آتاهم الله من فضله﴾ (1).
فإن قلت فإن من جملة الخمسة: (وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا)، وقد أعلم