شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢١٧
والقسم الثاني ما يعلمه بعض البشر بإعلام الله تعالى إياه، وهو ما عدا هذه الخمسة، والاخبار بملحمة الأتراك من جملة ذلك.
وتضطم عليه جوانحي تفتعل، من الضم، وهو الجمع أي يجتمع عليه جوانح صدري، ويروى: " جوارحي "، وقد روى أن إنسانا قال لموسى بن جعفر عليه السلام:
إني رأيت الليلة في منامي أنى سألتك: كم بقي من عمري؟ فرفعت يدك اليمنى، وفتحت أصابعها في وجهي مشيرا إلى، فلم أعلم خمس سنين، أم خمسة أشهر، أم خمسة أيام! فقال:
ولا واحدة منهن، بل ذاك إشارة إلى الغيوب الخمسة التي استأثر الله تعالى بها في قوله: (إن الله عنده علم الساعة...) الآية.
فإن قلت: لم ضحك عليه السلام لما قال له الرجل: " لقد أوتيت علم الغيب "؟
وهل هذا إلا زهو في النفس، وعجب بالحال!
قلت: قد روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله ضحك في مناسب هذه الحال لما استسقى فسقى وأشرف درور المطر، فقام إليه الناس فسألوه أن يسأل الله تعالى أن يحبسه عنهم، فدعا، وأشار بيده إلى السحاب، فانجاب حول المدينة كالإكليل، وهو عليه السلام يخطب على المنبر، فضحك حتى بدت نواجذه، وقال: أشهد أنى رسول الله، وسر هذا الامر أن النبي أو الولي إذا تحدث عنده نعمة الله سبحانه، أو عرف الناس وجاهته عند الله، فلا بد أن يسر بذلك وقد يحدث الضحك من السرور، وليس ذلك بمذموم إذا خلا من التيه والعجب، وكان محض السرور والابتهاج، وقد قال تعالى في صفة أوليائه:
﴿فرحين بما آتاهم الله من فضله﴾ (1).
فإن قلت فإن من جملة الخمسة: (وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا)، وقد أعلم

(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303