شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٠٤
وطالت الأيام على ذلك إلى أن استأمن سليمان بن موسى الشعراني، وهو من عظمائهم، وقد تقدم ذكره، فوجه يطلب الأمان من أبى أحمد، فمنعه ذلك لما كان سلف منه من العيث وسفك الدماء بنواحي واسط.
ثم اتصل بأبي احمد أن جماعة من رؤساء الزنج قد استوحشوا لمنعه الشعراني من الأمان، فأجاب إلى إعطائه الأمان استصلاحا بذلك غيره من رؤساء الزنج، وأمر بتوجيه الشذا إلى موضع وقع الميعاد عليه، فخرج سليمان الشعراني وأخوه، وجماعة من قواده، فنزلوا، الشذا فصاروا إلى أبى العباس، فحملهم إلى أبى أحمد، فخلع على سليمان ومن معه، وحمله على عدة أفراس بسروجها وآلتها، وأنزل له ولأصحابه أنزالا سنية، ووصله بمال جليل، ووصل أصحابه وضمه وضمهم إلى أبى العباس، وأمر بإظهاره وإظهارهم في الشذا لأصحاب الناجم، ليزدادوا ثقة بأمانته، فلم تبرح الشذا ذلك اليوم من موضعها، حتى استأمن جمع كثير من قواد الزنج، فوصلوا وألحقوا بإخوانهم في الحباء والبر والخلع، والجوائز: فلما استأمن الشعراني اختل ما كان الناجم قد ضبطه به من مؤخر عسكره، وقد كان جعله على مؤخر نهر أبى الخصيب، فوهى أمره وضعف، وقلد ما كان سليمان يتولاه القائد المعروف بشبل بن سالم، وهو من قوادهم المشهورين، فلم يمس أبو أحمد حتى وافاه رسول شبل ابن سالم يطلب الأمان، ويسأل أن يوقف له شذوات عند دار ابن سمعان، ليكون قصده في الليل إليها، ومعه من يثق به من أصحابه، فأجيب إلى سؤاله، ووافى آخر الليل ومعه عياله وولده، وجماعة من قواده، فصاروا إلى أبى أحمد فوصله بصلة جليلة، وخلع عليه خلعا كثيرة وحمله على عدة أفراس بسروجها وآلتها، ووصل أصحابه، وخلع عليهم، وأحسن إليهم، وأرسله في الشذوات، فوقفوا بحيث يراهم الناجم وأصحابه نهارا، فعظم ذلك عليه وعلى أوليائه، وأخلص شبل في مناصحة أبى أحمد، فسأل أن يضم إليه عسكرا يبيت به عسكر الناجم، ويسلك إليه من مسالك يعرفها هو ولا يعرفها أصحاب أبي أحمد، ففعل
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303