الله تعالى نبيه بأمور يكسبها في غده، نحو قوله: " ستفتح مكة "، وأعلم نبيه وصيه عليه السلام بما يكسبه في غده، نحو قوله له: ستقاتل بعدي الناكثين... "، الخبر.
قلت المراد بالآية أنه لا تدرى نفس جميع ما تكسبه في مستقبل زمانها، وذلك لا ينفى جواز أن يعلم الانسان بعض ما يكسبه في مستقبل زمانه.
[فصل في ذكر جنكزخان وفتنة التتر] واعلم أن هذا الغيب الذي أخبر عليه السلام عنه قد رأيناه نحن عيانا، ووقع في زماننا، وكان الناس ينتظرونه من أول الاسلام، حتى ساقه القضاء والقدر إلى عصرنا، وهم التتار الذين خرجوا من أقاصي المشرق حتى وردت خيلهم العراق والشام، وفعلوا بملوك الخطا وقفجاق، وببلاد ما وراء النهر، وبخراسان وما والاها من بلاد العجم، ما لم تحتو التواريخ منذ خلق الله تعالى آدم إلى عصرنا هذا على مثله، فإن بابك الخرمي لم تكن نكايته وأن طالت مدته نحو عشرين سنة إلا في إقليم واحد وهو أذربيجان، وهؤلاء دوخوا المشرق كله، وتعدت نكايتهم إلى بلاد إرمينية وإلى الشام، ووردت خيلهم إلى العراق، وبخت نصر الذي قتل اليهود إنما أخرب بيت المقدس، وقتل من كان بالشام من بني إسرائيل ، وأي نسبة بين من كان بالبيت المقدس من بني إسرائيل إلى البلاد والأمصار التي أخربها هؤلاء وإلى الناس الذين قتلوهم من المسلمين وغيرهم (1) * * *