شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢١٨
الله تعالى نبيه بأمور يكسبها في غده، نحو قوله: " ستفتح مكة "، وأعلم نبيه وصيه عليه السلام بما يكسبه في غده، نحو قوله له: ستقاتل بعدي الناكثين... "، الخبر.
قلت المراد بالآية أنه لا تدرى نفس جميع ما تكسبه في مستقبل زمانها، وذلك لا ينفى جواز أن يعلم الانسان بعض ما يكسبه في مستقبل زمانه.
[فصل في ذكر جنكزخان وفتنة التتر] واعلم أن هذا الغيب الذي أخبر عليه السلام عنه قد رأيناه نحن عيانا، ووقع في زماننا، وكان الناس ينتظرونه من أول الاسلام، حتى ساقه القضاء والقدر إلى عصرنا، وهم التتار الذين خرجوا من أقاصي المشرق حتى وردت خيلهم العراق والشام، وفعلوا بملوك الخطا وقفجاق، وببلاد ما وراء النهر، وبخراسان وما والاها من بلاد العجم، ما لم تحتو التواريخ منذ خلق الله تعالى آدم إلى عصرنا هذا على مثله، فإن بابك الخرمي لم تكن نكايته وأن طالت مدته نحو عشرين سنة إلا في إقليم واحد وهو أذربيجان، وهؤلاء دوخوا المشرق كله، وتعدت نكايتهم إلى بلاد إرمينية وإلى الشام، ووردت خيلهم إلى العراق، وبخت نصر الذي قتل اليهود إنما أخرب بيت المقدس، وقتل من كان بالشام من بني إسرائيل ، وأي نسبة بين من كان بالبيت المقدس من بني إسرائيل إلى البلاد والأمصار التي أخربها هؤلاء وإلى الناس الذين قتلوهم من المسلمين وغيرهم (1) * * *

(1) ذكر ابن الأثير هذه الحادثة في تاريخه (حوادث سنة 617 وما بعدها)، وقال في أولها: " لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها، كارها لذكرها، فأنا أقدم إليه رجلا وأؤخر أخرى فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعى الاسلام والمسلمين! ومن ذا الذي يهون عليه ذكر ذلك! فياليت أمي لم تلدني، وياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا! إلا أنى حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها، وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعا ".
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303