إليه سليمان بن موسى بن الشعراني، وقد كان صار إليه من المذار بعد الوقعة التي انهزم فيها، وعلم الناجم أن أبا أحمد إذا جاوره صعب أمره، وقرب على من يريد اللحاق به من الزنج المسافة مع ما يدخل قلوب أصحابه بمجاورته من الرعب والرهبة، وفي ذلك انتقاض تدبيره، وفساد جميع أموره، فكانت الحرب بين قواد أبى أحمد وقواد الناجم متصلة، على إصلاح هذا الموضع، ومدافعة الزنج عنه.
واتفق أن عصفت الرياح يوما وجماعة من قواد أبى أحمد بالجانب الغربي للعمل الذي يريدونه، فانتهز الناجم الفرصة في امتناع العبور بدجلة لعصف الريح فرماهم بجميع جيشه، وكاثرهم برجله، فلم تجد الشذوات التي مع قواد أبى أحمد سبيلا إلى الوقوف بحيث كانت واقفة به، لحمل الرياح إياها على الحجارة، وخوف (1) أصحابها عليها من التكسر، ولم يجدوا سبيلا إلى العبور في دجلة لشدة الريح واضطراب الأمواج، فأوقعت الزنج بهم، فقتلوهم عن آخرهم، وأفلت منهم نفر، فعبروا إلى الموفقية، فاشتد جزع أبى أحمد وأصحابه لما نالهم.
ولما تهيأ للزنج عليهم، وعظم بذلك اهتمامهم. وتعقب أبو أحمد الرأي، فرأى أن نزوله ومقامه بالجانب الغربي، مجاور مدينة الناجم خطأ، وأنه لا يؤمن منه حيلة وانتهاز فرصة فيوقع بالعسكر بياتا أو يجد مساغا إلى (2) ما يكون له قوة، لكثرة الأدغال في ذلك الموضع، وصعوبة المسالك، وإن الزنج على التوغل في تلك المواضع الوعرة الموحشة أقدر وهو عليهم أسهل من أصحابه، فانصرف عن رأيه في نزول الجانب الغربي وصرف همه وقصده