بنهر الأتراك، فرأى في ذلك النهر قلة من الزنج الذين يحرسونه، فطمع فيهم، فقصد نحوهم، وصعد جماعة من أصحابه سور المدينة، وعليه فريق من الزنج، فقتلوا من أصابوا هناك، ونذر الناجم بهم، فأنجدهم بقواد من قواده، فأرسل أبو العباس إلى أبيه يستمده، فوافى من عسكر أبى أحمد من خف من الغلمان، فقوى بهم عسكر أبى العباس.
وقد كان سليمان بن جامع لما رأى أن أبا العباس قد أوغل في نهر الأتراك، صعد في جمع كثير من الزنج، ثم استدبر أصحاب أبي العباس وهم متشاغلون بحرب من بإزائهم على سور المدينة، فخرج عليهم من ورائهم وخفقت طبولهم، فانكشف أصحاب أبي العباس وحملت الزنج عليهم من أمامهم، فأصيب في هذه الوقعة جماعة من غلمان أبى أحمد وقواده، وصار في أيدي الزنج عدة أعلام ومطارد، وحامى أبو العباس عن نفسه حتى انصرف سالما، فأطمعت هذه الوقعة الزنج وأتباعهم (1)، وشدت قلوبهم، فأجمع أبو أحمد على العبور بجيشه أجمع، وأمر بالاستعداد والتأهب، فلما تهيأ له ذلك عبر في آخر ذي الحجة من سنة سبع وستين، في أكثف جمع، وأكمل عدة، وفرق قواده على أقطار مدينة الناجم، وقصد هو بنفسه ركنا من أركانها، وقد كان الناجم حصنه بابنه الذي يقال له أنكلاي، وكنفه بعلي بن أبان وسليمان بن جامع، وإبراهيم بن جعفر الهمداني وحفه بالمجانيق والعرادات (2) والقسي الناوكية، وأعد فيه الناشبة (3) جمع فيه أكثر جيشه، فلما التقى الجمعان أمر أبو أحمد غلمانه الناشبة والرامحة (4) والسودان بالدنو من هذا