العسكر والجند والرعية، وخافوا قوة الزنج عليهم، حتى خرج عن الموفقية جماعة من التجار كانوا مقيمين بها لما وصل إلى قلوبهم من الرهبة.
* * * قال أبو جعفر: وحدثت على أبى أحمد في حال صعوبة علته، حادثة في سلطانه وأمور متعلقة بما بينه وبين أخيه المعتمد، فأشار عليه مشيرون من أصحابه وثقاته بالرحلة عن معسكره إلى بغداد، وأن يخلف من يقوم مقامه، فأبى ذلك وحاذر أن يكون فيه تلافى ما قد فرق من شمل صاحب الزنج، فأقام على صعوبة علته، وغلظ الامر الحادث في سلطانه وصبر إلى أن عوفي فظهر لقواده وخاصته، وقد كان أطال الاحتجاب عنهم، فقويت برؤيته منتهم، وأقام متماثلا مودعا نفسه إلى شعبان من هذه السنة، فلما أبل وقوى على الركوب والنهوض، نهض وعاود ما كان مواظبا عليه من الحرب، وجعل الناجم لما صح عنده الخبر بما أصاب أبا أحمد يعد أصحابه العدات، ويمنيهم الأماني، واشتدت شوكتهم، وقويت آمالهم، فلما اتصل به ظهور أبى أحمد جعل يحلف للزنج على منبره، أن ذلك باطل لا أصل له، وأن الذي رأوه في الشذا مثال موه وشبه عليهم.
* * * قلت: الحادث الذي حدث على أبى أحمد من جهة سلطانه، أن أخاه المعتمد، وهو الخليفة يومئذ، فارق دار ملكه، ومستقر خلافته مغاضبا له متجنيا عليه، زاعما أنه مستبد بأموال المملكة وجبايتها، مضطهدا له مستأثرا عليه، فكاتب ابن طولون صاحب مصر، وسأله أن يأذن له في اللحاق به فأجابه ابن طولون إلى ذلك، فخرج من سامراء في جماعة من قواده ومواليه، قاصدا مصر. وكان أبو أحمد هو الخليفة في المعنى، وإنما المعتمد صورة