بسد الأنهار وسكرها، واعترض من يخرج منهم لجلب الميرة، ومنتظرا برء ولده، حتى كمل بعد شهور كثيرة وانقضت سنة ثمان وستين.
ونقل إسحاق بن كنداجيق عن البصرة وأعمالها، فولى الموصل والجزيرة وديار ربيعة وديار مضر.
ودخلت سنة تسع وستين وأبو أحمد مقيم على الحصار، فلما أمن على أبى العباس، وركب على عادته عاود النهوض إلى حرب الناجم.
* * * قال أبو جعفر: وقد كان بهبوذ لما هلك طمع الناجم في أمواله لكثرتها ووفورها، وصح عنده أنه ترك مائتي ألف دينار عينا، ومن الجواهر وغيرها بمثل ذلك فطلب المال المذكور بكل حيلة وحبس أولياء بهبوذ وقرابته وأصحابه، وضربهم بالسياط، وأثار دورا من دوره، وهدم أبنية من أبنيته، طمعا في أن يجد في شئ منها دفينا، فلم يجد من ذلك شيئا، فكان فعله هذا أحد ما أفسد قلوب أصحابه عليه، ودعاهم إلى الهرب منه، والزهد في صحبته، فاستأمن منهم إلى أبى أحمد خلق كثير، فوصلهم وخلع عليهم ورأي أن يعبر دجلة من الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي، فيجعل لنفسه هناك معسكرا، ويبنى به مدينة أخرى، ويضيق خناق الناجم، ويتمكن من مغاداته ومراوحته بالحرب، فقد كانت الريح العاصف تحول بينه وبين عبور دجلة في كثير من الأيام بالجيش، فأمر بقطع النخل المقارب لمدينة الناجم لذلك، وإصلاح موضع يتخذه معسكرا، وأن يحف بالخنادق، ويحصر بالسور ليأمن بيات الزنج، وجعل على قواده نوائب لذلك، ومعهم الفعلة والرجال، فقابل الناجم ذلك، بأن جعل علي بن أبان المهلبي وسليمان بن جامع وإبراهيم بن جعفر الهمداني نوبا للحرب والمدافعة عن ذلك، وكان أنكلاني بن الناجم ربما حضر في نوبة أيضا، وضم