شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٩٦
الناجم، فيلقى هناك بعد أن يوصى (1) بوصف ما عاين من إحسان أبى أحمد إلى كل من يصير إليه، وأن ذلك رأيه في جميع من يأتيه مستأمنا، أو يأسره، فتهيأ له بذلك ما أراد من استمالة الزنج، حتى استشعروا الميل إلى ناحيته، والدخول في سلمه وطاعته.
* * * قال أبو جعفر: ثم كانت الوقعة التي قتل فيها بهبوذ (2) الزنجي القائد وجرح أبو العباس، وذلك أن بهبوذ كان أكثر أصحاب الناجم غارات، وأشدهم تعرضا لقطع السبل، وأخذ الأموال، وكان قد جمع من ذلك لنفسه مالا جليلا، وكان كثير الخروج في السميريات الخفاف فيخترق بها الأنهار المؤدية إلى دجلة، فإذا صادف سفينة لأصحاب أبى أحمد أخذها واستولى على أهلها، وأدخلها النهر الذي خرج منه، فإن تبعه تابع حتى توغل في طلبه، خرج عليه من ذلك النهر قوم من أصحابه، قد أعدهم لذلك، فأقطعوه وأوقعوا به.
فوقع التحرز حينئذ منه، والاستعداد لغاراته، فركب شذاة، وشبهها بشذوات أبى أحمد، ونصب عليها علما مثل أعلامه، وسار بها ومعه كثير من الزنج، فأوقع بكثير من أصحاب أبي أحمد، وقتل وأسر. فندب له أبو أحمد ابنه أبا العباس في جمع كثيف، فكانت بينهما وقعة شديدة، ورمى فيها أبو العباس بسهم فأصابه، وأصابت بهبوذ طعنة في بطنه من يد غلام من بعض سميريات أبى العباس، فهوى إلى الماء، فابتدره أصحابه فحملوه ورجعوا به إلى عسكر الناجم، فلم يصلوا به إلا وهو ميت، فعظمت الفجيعة به على الناجم وأوليائه، واشتد عليه جزعهم، وخفى موته على أبى أحمد حتى استأمن إليه رجل من الملاحين، فأخبره بذلك فسر، وأمر بإحضار الغلام الذي طعنه، فوصله وكساه وطوقه، وزاد في رزقه.
وأمر لجميع من كان في تلك السميرية بصلات وخلع، وعولج أبو العباس من جرحه مدة حتى برأ، وأقام أبو أحمد في مدينته الموفقية ممسكا عن حرب الزنج، محاصرا لهم

(1) الطبري: " يؤمر ".
(2) الطبري: " بهبوذ بن عبد الوهاب ".
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303