بأصحابه، فأدركهم وهو في خمسمائة رجل فواقعهم، وشد عضده أبو العباس ولزيرك بمن معهما، فقتل من الزنج أصحاب الناجم خلق كثير، وأسر منهم كثير وأفلت الباقون فلحقوا بمدينتهم، وانصرف أبو العباس بالفتح وقد علق رؤوس الزنج في الشذا وصلب الأسارى أحياء فيها، فاعترضوا بهم مدينتهم ليرهبوا بهم أصحابهم، فلما رأوهم رعبوا وانكسروا.
واتصل بأبي أحمد أن الناجم موه على أصحابه، وأوهم أن الرؤوس المرفوعة مثل مثلها لهم أبو أحمد ليراعوا، وأن الأسارى المصلبين من المستأمنة، فأمر أبو أحمد عند ذلك بجميع الرؤوس والمسير بها إلى إزاء قصر الناجم، والقذف بها في منجنيق منصوب في سفينة إلى عسكره، ففعل ذلك، فلما سقطت الرؤوس في مدينتهم، عرف أولياء القتلى رؤوس أصحابهم، فظهر بكاؤهم وصراخهم.
* * * قال أبو جعفر: وكانت لهم وقعات كثيرة بعد هذه، في أكثرها ينهزم الزنج ويظفر بهم، وطلب وجوههم الأمان، فكان ممن استأمن محمد بن الحارث القائد، وإليه كان حفظ النهر المعروف بمنكى، والسور الذي يلي عسكر أبى أحمد، كان خروجه ليلا مع عدة من أصحابه، فوصله أبو أحمد بصلات كثيرة، وخلع عليه وحمله على عدة دواب بحليتها وآلاتها، وأسنى له الرزق.
وكان محمد هذا حاول إخراج زوجته معه، وهي إحدى بنات عمه فعجزت المرأة عن اللحاق به، فأخذها الزنج فردوها إلى الناجم، فحبسها مدة، ثم أمر بإخراجها والنداء عليها في السوق فبيعت.
وممن استأمن، القائد المعروف بأحمد البرذعي كان من أشجع رجالهم، وكان يكون أبدا مع المهلبي.