شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٨٩
بأصحابه، فأدركهم وهو في خمسمائة رجل فواقعهم، وشد عضده أبو العباس ولزيرك بمن معهما، فقتل من الزنج أصحاب الناجم خلق كثير، وأسر منهم كثير وأفلت الباقون فلحقوا بمدينتهم، وانصرف أبو العباس بالفتح وقد علق رؤوس الزنج في الشذا وصلب الأسارى أحياء فيها، فاعترضوا بهم مدينتهم ليرهبوا بهم أصحابهم، فلما رأوهم رعبوا وانكسروا.
واتصل بأبي أحمد أن الناجم موه على أصحابه، وأوهم أن الرؤوس المرفوعة مثل مثلها لهم أبو أحمد ليراعوا، وأن الأسارى المصلبين من المستأمنة، فأمر أبو أحمد عند ذلك بجميع الرؤوس والمسير بها إلى إزاء قصر الناجم، والقذف بها في منجنيق منصوب في سفينة إلى عسكره، ففعل ذلك، فلما سقطت الرؤوس في مدينتهم، عرف أولياء القتلى رؤوس أصحابهم، فظهر بكاؤهم وصراخهم.
* * * قال أبو جعفر: وكانت لهم وقعات كثيرة بعد هذه، في أكثرها ينهزم الزنج ويظفر بهم، وطلب وجوههم الأمان، فكان ممن استأمن محمد بن الحارث القائد، وإليه كان حفظ النهر المعروف بمنكى، والسور الذي يلي عسكر أبى أحمد، كان خروجه ليلا مع عدة من أصحابه، فوصله أبو أحمد بصلات كثيرة، وخلع عليه وحمله على عدة دواب بحليتها وآلاتها، وأسنى له الرزق.
وكان محمد هذا حاول إخراج زوجته معه، وهي إحدى بنات عمه فعجزت المرأة عن اللحاق به، فأخذها الزنج فردوها إلى الناجم، فحبسها مدة، ثم أمر بإخراجها والنداء عليها في السوق فبيعت.
وممن استأمن، القائد المعروف بأحمد البرذعي كان من أشجع رجالهم، وكان يكون أبدا مع المهلبي.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303