شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٤٣
فذكر عن صاحب الزنج أنه قال: ميلت (1) بين عبادان والأبلة، فملت إلى التوجه إلى عبادان فندبت الرجال إلى ذلك، فخوطبت وقيل لي: إن أقرب عدو دارا، وأولاه ألا يتشاغل عنه بغيره أهل الأبلة، فرددت بالجيش الذي كنت سيرته نحو عبادان إلى الأبلة، ولم يزالوا يحاربون (2) أهلها إلى أن اقتحموها وأضرموها نارا، وكانت مبنية بالساج بناء متكاثفا، فأسرعت فيها النار، ونشأت ريح عاصف، فأطارت شرر ذلك الحريق إلى أن انتهى إلى شط عثمان، وقتل بالأبلة خلق كثير، وحويت الأسلاب والأموال، على أن الذي أحرق منها كان أكثر مما انتهب، واستسلم أهل عبادان بعدها لصاحب الزنج فإن قلوبهم ضعفت وخافوه على أنفسهم وحرمهم، فأعطوا بأيديهم، وسلموا إليه بلدهم، فدخلها أصحابه، فأخذوا من كان فيها من العبيد، وحملوا ما كان فيها من السلاح، ففرقه على أصحابه، وصانعه أهلها بمال كف به عنهم.
* * * قال أبو جعفر: ثم دخل الزنج بعد عبادان إلى الأهواز ولم يثبت لهم أهلها، فأحرقوا ما فيها، وقتلوا ونهبوا، وأخربوا، فكان بالأهواز إبراهيم بن محمد المدبر الكاتب، إليه خراجها (3) وضياعها، فأسروه بعد أن ضربوه ضربة على وجهه، وحووا كل ما كان يملكه من مال وأثاث ورقيق وكراع، واشتد خوف أهل البصرة وانتقل كثير ما أهلها عنها، وتفرقوا في بلاد شتى وكثرت الأراجيف من عوامها.
* * *

(1) في الأصول: " مثلث "، وما أثبته من الطبري.
(2) الطبري: " فلم يزالوا يحاربون أهل الأبلة ليلة الأربعاء لخمس بقين من رجب سنة 256، فلما كان في هذه الليلة اقتحمها الزنج مما يلي دجلة ونهر الأبلة، فقتل بها أبو الأحوص وابنه وأضرمت نارا " وكانت مبنية بالساج ".
(3) الطبري: " وإليه الخراج والضياع ".
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303