شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٤٠
كثرة ذلك الجمع، وجعلت أومى إليه أن أسكت (1)، فلما قرب القوم منى قلت: اللهم إن هذه ساعة العسرة فأعني، فرأيت طيورا بيضا أقبلت فتلقت ذلك الجمع، فلم أستتم دعائي حتى بصرت بسميرية (2) من سفنهم قد انقلبت بمن فيها، فغرقوا، ثم تلتها، الشذا فغرقت واحدة بعد واحدة وثار أصحابي إلى القوم، وخرج الكمينان من جنبي النهر، وصاحوا وخبطوا الناس، فغرقت طائفة، وقتلت طائفة، وهربت طائفة نحو الشط طمعا، فأدركها السيف، فمن ثبت قتل، ومن رجع إلى الماء غرق، حتى أبيد أكثر ذلك الجمع، ولم ينج منهم إلا الشريد، وكثر المفقودون بالبصرة، وعلا العويل من نسائهم.
* * * قال أبو جعفر: وهذا يوم الشذا الذي ذكره الناس في أشعارهم، وعظموا ما فيه من القتل، فكان ممن قتل من بني هاشم، جماعة من ولد جعفر بن سليمان (3) وانصرف صاحب الزنج (4) وجمع الرؤوس وملأ بها سفنا، وأخرجها من النهر المعروف بأم حبيب في الجزر وأطلقها، فوافت البصرة، فوقفت في مشرعة تعرف بمشرعة القيار، فجعل الناس يأتون تلك الرؤوس، فيأخذ رأس كل رجل أولياؤه، وقوى صاحب الزنج بعد هذا اليوم، وسكن الرعب قلوب أهل البصرة منه، وأمسكوا عن حربه، وكتب إلى السلطان بخبره، فوجه جعلان التركي مددا لأهل البصرة، في جيش ذوي عدة وأسلحة (5).

(1) الطبري: " أن يمسك ".
(2) السيرية على التصغير: ضرب من السفن (اللسان).
(3) بعدها في الطبري: " وأربعون رجلا من الرماة المشهورين في خلق كثير لا يحصى عددهم ".
(4) في الطبري: " وانصرف الخبيث وجمعت له الرؤوس ".
(5) في الطبري: " وأمر أبا الحوص الباهلي بالمصير إلى الأبلة واليا، وأمده برجل من الأتراك يقال له جريج ".
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303