قال أبو جعفر: وقد كان علي بن أبان كف بعض الكف عن العيث بناحية بنى سعد وراقب قوما من المهلبيين وأتباعهم، فانتهى ذلك إلى علي بن محمد صاحب الزنج، فصرفه عن البصرة، وأقر يحيى بن محمد البحراني بها لموافقته على رأيه في الإثخان في القتل، ووقوع ذلك بمحبته، وكتب إلى يحيى بن محمد يأمره بإظهار الكف ليسكن الناس، ويظهر المستخفي، ومن قد عرف باليسار والثروة، فإذا ظهر فليأخذوا بالدلالة على ما دفعوه وأخفوه من أموالهم، ففعل يحيى بن محمد ذلك، وكان لا يخلو في اليوم من الأيام من جماعة يؤتى بهم، فمن عرف منهم باليسار استنزف ما عنده ثم قتله، ومن ظهرت له خلته عاجله بالقتل حتى لم يدع أحدا ظهر له إلا قتله.
* * * قال أبو جعفر: وحدثني محمد بن الحسن، قال: لما انتهى (1) إلى علي بن محمد عظيم ما فعل أصحابه بالبصرة سمعته يقول: دعوت على أهل البصرة في غداة اليوم الذي دخل فيه أصحابي إليها واجتهدت في الدعاء، وسجدت وجعلت أدعو في سجودي، فرفعت إلى البصرة فرأيتها ورأيت أصحابي يقاتلون فيها، ورأيت بين السماء والأرض رجلا واقفا في صورة جعفر المعلوف المتولي كان للاستخراج في ديوان الخراج بسامراء، وهو قائم قد خفض يده اليسرى، ورفع يده اليمنى، يريد قلب البصرة فعلمت أن الملائكة تولت إخرابها دون أصحابي، ولو كان أصحابي تولوا ذلك ما بلغوا هذا الامر العظيم الذي يحكى عنها، ولكن الله تعالى نصرني بالملائكة، وأيدني في حروبي، وثبت بهم من ضعف قلبه من أصحابي.
قال أبو جعفر وانتسب صاحب الزنج (2) في هذه الأيام إلى محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين، بعد انتسابه الذي كان إلى أحمد بن عيسى بن زيد وذلك لأنه بعد