قال أبو جعفر: فلما دخلت سنة سبع وخمسين أنفذ السلطان بغراج التركي على حرب البصرة وسعيد بن صالح الحاجب للقاء صاحب الزنج، وأمر بغراج بإمداده بالرجال، فلما صار سعيد إلى نهر معقل، وجد هناك جيشا لصاحب الزنج في النهر المعروف بالمرغاب، فأوقع بهم سعيد فهزمهم، واستنقذ ما في أيديهم من النساء والنهب، وأصابت سعيدا في تلك الوقعة جراحات منها جراحة في فيه.
ثم بلغه أن جيشا لصاحب الزنج في الموضع المعروف بالفرات فتوجه إليه فهزمه واستأمن إليه بعض قواد صاحب الزنج، حتى لقد كانت المرأة من سكان ذلك الموضع تجد الزنجي مستترا بتلك الأدغال فتقبض عليه، حتى تأتى به عسكر سعيد، ما به عنها امتناع.
ثم قصد سعيد حرب صاحب الزنج، فعبر إليه إلى غربي دجلة، فأوقع به وقعات متتالية كلها يكون الظفر فيها لسعيد، إلى أن تهيأ لصاحب الزنج عليه أن وجه إلى يحيى ابن محمد البحراني صاحبه، وهو إذ ذاك مقيم بنهر معقل، في جيش من الزنج، فأمره بتوجيه ألف رجل من أصحابه، عليهم سليمان بن جامع وأبو الليث القائدان، ويأمرهما بقصد عسكر سعيد ليلا، حتى يوقعا به وقت طلوع الفجر، من ليلة عينها لهم، ففعلا ذلك وصارا إلى عسكر سعيد في ذلك الوقت، فصادفا منه غرة وغفلة، فأوقعا به وبأصحابه، وقت طلوع الفجر، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وأصبح سعيد وقد ضعف أمره، واتصل بالسلطان خبره، فأمره بالانصراف إلى باب السلطان، وتسليم الجيش الذي معه إلى منصور ابن جعفر الخياط، وكان إليه يومئذ حرب الأهواز وكوتب بحرب صاحب الزنج، وأن يصمد له، فكانت بينهم وقعة كان الظفر فيها للزنج، فقتل من أصحاب منصور خلق كثير عظيم وحمل من الرؤوس خمسمائة رأس إلى عسكر يحيى بن محمد البحراني القائد، فنصبت على نهر معقل.