قال أبو جعفر: ثم كانت بين الزنج وبين أصحاب السلطان بالأهواز وقعات كثيرة تولاها علي بن أبان المهلبي، فقتل شاهين بن بسطام، وكان من أكابر أصحاب السلطان، وهزم إبراهيم بن سيما، وكان أيضا من الامراء المشهورين، واستولى الزنج على عسكره.
* * * قال أبو جعفر: ثم كانت الواقعة العظمى بالبصرة في هذه السنة وذلك أن صاحب الزنج قطع الميرة عنهم، فأضر ذلك بهم، وألح بجيوشه وزنوجه عليهم بالحرب صباحا ومساء، فلما كان في شوال من هذه السنة، أزمع على جمع أصحابه للهجوم على البصرة، والجد في خرابها، وذلك لعلمه بضعف أهلها وتفرقهم، وإضرار الحصار بهم، وخراب ما حولها من القرى. وكان قد نظر في حساب النجوم، ووقف على انكساف القمر، الليلة الرابعة عشرة من هذا الشهر، فذكر محمد بن الحسن بن سهل أنه قال: سمعته يقول: اجتهدت في الدعاء على أهل البصرة، وابتهلت إلى الله تعالى في تعجيل خرابها، فخوطبت وقيل لي: إنما البصرة خبزه [لك] (1) تأكلها من جوانبها، فإذا انكسر نصف الرغيف خربت البصرة. فأولت انكسار نصف الرغيف بانكساف نصف القمر المتوقع في هذه الليالي، وما أخلق أمر أهل البصر أن يكون بعده!
قال: فكان يحدث بهذا حتى أفاض فيه أصحابه، وكثر تردده في أسماعهم وإجالتهم إياه بينهم.
ثم ندب محمد بن يزيد الدارمي - وهو أحد من كان صحبه بالبحرين للخروج إلى