إلا أبو الشوك ومصلح ورفيق ومشرق غلاما الخاقانية، وضل أصحابه عنه، وانحلت عمامته، فبقي على رأسه كور (1) منها أو كوران، فجعل يسحبها من ورائه، ويعجله المشي عن رفعها وأسرع غلاما الخاقانية في الانصراف وقصر عنهما فغابا عنه، واتبعه رجلان من أهل البصرة بسيفيهما، فرجع إليهما، فانصرفا عنه، وخرج إلى الموضع الذي فيه، مجمع أصحابه، وقد كانوا تحيروا، فلما رأوه سكنوا.
* * * قال أبو جعفر: ثم سأل عن رجاله وإذا قد هرب كثير منهم، ونظر فإذا هو من جميع أصحابه في مقدار خمسمائة رجل، فأمر بالنفخ في البوق الذي كانوا يجتمعون لصوته، فنفخ فيه فلم يرجع إليه أحد.
قال: وانتهب أهل البصرة سفنا كانت معه، وظفروا بمتاع من متاعه، وكتب من كتبه وأصطرلابات كان معه، ثم تلاحق به جماعة ممن كان هرب، فأصبح وإذا معه ألف رجل، فأرسل محمد بن سلم وسليمان بن جامع ويحيى بن محمد إلى أهل البصرة يعظهم ويعلمهم أنه لم يخرج إلا غضبا لله وللدين، ونهيا عن المنكر، فعبر محمد بن سلم حتى توسط أهل البصرة، وجعل يكلمهم ويخاطبهم، فرأوا منه غرة فوثبوا عليه فقتلوه، ورجع سليمان ويحيى إلى صاحب الزنج، فأخبراه، فأمرهما بطي ذلك عن أصحابه، حتى يكون هو الذي يخبرهم.
فلما صلى بهم العصر، نعى إليهم محمد بن سلم، وقال لهم: إنكم تقتلون به في غد عشرة آلاف من أهل البصرة.
قال أبو جعفر: وكان الوقعة التي كانت الدبرة عليه فيها يوم الأحد لثلاث عشرة