شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٤٧
ثم انصرف آخر نهار يومه ذلك، فأقام بقصر عيسى بن جعفر بالخربية.
وروى أبو جعفر قال: حدثني محمد بن الحسن بن سهل، قال: حدثني محمد بن سمعان، قال: كنت يومئذ بالبصرة، فمضيت مبادرا إلى منزلي لا تحصن به، وهو في سكة المربد، فلقيت أهل البصرة هاربين، يدعون بالويل والثبور، وفي آخرهم القاسم بن جعفر ابن سليمان الهاشمي على بغل، متقلدا سيفا يصيح بالناس ويحكم! تسلمون بلدكم وحرمكم!
هذا عدوكم قد دخل البلد، فلم يلووا عليه، ولم يسمعوا منه، فمضى هاربا، ودخلت أنا منزلي، وأغلقت بابي، وأشرفت فمر بي الاعراب ورجالة الزنج يقدمهم رجل على حصان كميت، بيده رمح، وعليه عذبة صفراء، فسألت بعد ذلك عنه، فقيل لي:
إنه علي بن أبان. قال: ونادى منادى علي بن أبان: من كان من آل المهلب فليدخل دار إبراهيم ابن يحيى المهلبي، فدخلت جماعة قليلة، وأغلق الباب دونهم، ثم قيل للزنج: دونكم الناس فاقتلوهم، ولا تبقوا منهم أحدا، وخرج إليهم أبو الليث الأصفهاني أحد قواد الزنج، فقال للزنج: كيلوا: وهي العلامة التي كانوا يعرفونها فيمن يؤمرون بقتله، فأخذ الناس السيف، قال: فوالله إني لأسمع تشهدهم وضجيجهم وهم يقتلون، وقد ارتفعت أصواتهم بالتشهد، حتى سمعت بالطفاوة، وهو على بعد من الموضع الذي كانوا فيه.
قال: ثم انتشر الزنج في سكك البصرة وشوارعها، يقتلون من وجدوا، ودخل علي بن أبان يومئذ المسجد فأحرقه وبلغ إلى الكلاء فأحرقه إلى الجسر، وأخذت النار كل ما مرت به من إنسان وبهيمة وأثاث ومتاع، ثم ألحوا بالغدو والرواح على من وجدوه، ويسوقونهم إلى يحيى بن محمد البحراني، وهو نازل ببعض سكك البصرة فمن كان ذا مال قرره حتى يستخرج ماله ثم يقتله، ومن كان مختلا قتله معجلا.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303