شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٤١
قال أبو جعفر: وقال أصحاب علي بن محمد له (1): أنا قد قتلنا مقاتلة أهل البصرة ولم يبق فيها إلا ضعفاؤهم، ومن لا حراك به، فإذن لنا في تقحمها، فنهاهم (2) وهجن آراءهم وقال: بل نبعد عنها، فقد رعبناهم وأخفناهم، ولنقتحمها وقتا آخر، وانصرف بأصحابه إلى سبخة في آخر أنهار البصرة تعرف بسبخة (3) أبى قرة، قريبة من النهر المعروف بالحاجر فأقام هناك، وأمر أصحابه باتخاذ الأكواخ، وهذه السبخة متوسطة النخل والقرى والعمارات، وبث أصحابه يمينا وشمالا، يعيثون ويغيرون على القرى، ويقتلون الإكرة، وينهبون أموالهم، ويسرقون مواشيهم (4).
وجاءه شخص من أهل الكتاب من اليهود يعرف بما رويه، فقبل يده وسجد له وسأله عن مسائل كثيرة، فأجابه عنها، فزعم اليهودي أنه يجد صفته في التوراة، وأنه يرى القتال معه، وسأله عن علامات في يده وجسده ذكر أنها مذكورة في الكتب، فأقام معه.
قال أبو جعفر: ولما صار جعلان التركي إلى البصرة بعسكره، أقام ستة أشهر يحارب صاحب الزنج، فإذا التقوا لم يكن بينهم إلا الرمي بالحجارة والنشاب، ولم يجد جعلان إلى لقائه سبيلا، لضيق الموضع بما فيه من النخل والدغل (5) عن مجال الخيل، ولان صاحب الزنج قد كان خندق على نفسه وأصحابه.

(1) في الطبري: " فزعم الخبيث أن أصحابه قالوا له بعقب هذه الوقعة: إنا قد قتلنا مقاتلة أهل البصرة... ".
(2) في الطبري: " فزبرهم ".
(3) في الطبري عن شبل: " هي سبخة أبى قرة، موقعها بين النهرين: نهر أبى قرة، والنهر المعروف بالحاجر ".
(4) في الطبري: فهذا ما كان من خبره وخبر الناس الذين قربوا من موضعه في هذه السنة "، أي سنة أربع وخمسين ومائتين.
(5) الدغل بالتحريك: الشجر الكثير الملتف. وكل موضع يخاف فيه الاغتيال.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303