الاعراب واستنفار من قدر عليه منهم - فأتاه منهم بخلق كثير، ووجه إلى بصرة سليمان بن موسى الشعراني، فأمره بتطرق البصرة، والإيقاع بأهلها، وتقدم إلى سليمان [بن موسى] (1) بتمرين (2) الاعراب على ذلك. فلما وقع الكسوف، أنهض إليها علي بن أبان، وضم إليه جيشا من الزنج وطائفة من الاعراب، وأمره بإتيان البصرة مما يلي بنى سعد، وكتب إلى يحيى بن محمد البحراني في إتيانها مما يلي نهر عدى، وضم باقي الاعراب إليه، فكان أول من واقع أهل البصرة علي بن أبان وبغراج التركي يومئذ بالبصرة في جماعة من الجند، فأقام يقاتلهم يومين، وأقبل يحيى بن محمد مما يلي قصر أنس، قاصدا نحو الجسر، فدخل علي بن أبان البلد وقت صلاة الجمعة، لثلاث عشرة بقين من شوال. فأقبل يقتل الناس ويحرق المنازل والأسواق بالنار، فتلقاه بغراج وإبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان الهاشمي، المعروف ببرية - وكان وجيها مقدما مطاعا - في جمع عظيم - فرداه، فرجع فأقام ليلته تلك (3). ثم غاداهم وقد تفرق جند البصرة فلم يكن في وجهه أحد يدافعه، وانحاز بغراج بمن معه، وهرب إبراهيم بن محمد الهاشمي المعروف ببريه، فوضع علي بن أبان السيف في الناس، وجاء إليه إبراهيم بن محمد المهلبي - وهو ابن عمه - فاستأمنه لأهل البصرة، فحضر أهل البصرة قاطبة فأمنهم، ونادى مناديه: من أراد الأمان فليحضر دار إبراهيم بن محمد المهلبي. فحضر أهل البصرة قاطبة، حتى ملئوا الأزقة، فلما رأى اجتماعهم انتهز الفرصة، فأمر بأخذ السكك والطرق عليهم، وغدر بهم، وأمر الزنوج بوضع السيف فيهم، فقتل كل من شهد ذلك المشهد.
(١٤٦)