ففتحوا المحابس، وأطلقوا من كان فيها فتخلص أهله وولده فيمن تخلص، فلما بلغه ذلك شخص عن بغداد، فكان رجوعه إلى البصرة في شهر رمضان من سنة خمس وخمسين ومائتين ومعه علي بن أبان المهلبي، وقد كان لحق به وهو بمدينة السلام مشرق ورفيق، وأربعة أخر من خواصه، وهم يحيى بن محمد، ومحمد بن سلم وسليمان بن جامع وأبو يعقوب المعروف بجربان، فساروا جميعا حتى نزلوا بالموضع المعروف ببرنخل من أرض البصرة في قصر هناك يعرف بقصر القرشي على نهر يعرف بعمود بن المنجم، كان بنو موسى بن المنجم احتفروه، وأظهر أنه وكيل لولد الواثق في بيع ما يملكونه هناك من السباخ.
قال أبو جعفر: فذكر عن ريحان بن صالح، أحد غلمان الشورجيين الزنوج، وهو أول من صحبه منهم، قال: كنت موكلا بغلمان مولاي، أنقل الدقيق إليهم فمررت به وهو مقيم بقصر القرشي يظهر الوكالة لأولاد الواثق، فأخذني أصحابه وصاروا بي إليه، وأمروني بالتسليم عليه بالإمرة ففعلت ذلك، فسألني عن الموضع الذي جئت منه، فأخبرته أنى أقبلت من البصرة فقال: هل سمعت لنا بالبصرة خبرا؟ قلت: لا، قال:
فخبر البلالية والسعدية قلت: لم أسمع لهم خبرا، فسألني عن غلمان الشورجيين وما يجرى لكل جماعه منهم من الدقيق والسويق والتمر، وعمن يعمل في الشورج من الأحرار والعبيد، فأعلمته ذلك، فدعاني إلى ما هو عليه، فأجبته فقال لي: احتل فيمن قدرت عليه من الغلمان، فأقبل بهم إلى. ووعدني أن يقودني على من آتيه به منهم، وأن يحسن إلى واستحلفني ألا أعلم أحدا بموضعه، وأن أرجع إليه، فخلى سبيلي، فأتيت بالدقيق الذي معي إلى غلمان مولاي، وأخبرتهم خبره، وأخذت له البيعة عليهم، ووعدتهم عنه بالاحسان والغنى، ورجعت إليه من غد ذلك اليوم، وقد وافاه رفيق غلام الخاقانية (1).