ما جزى به وليا من أوليائه! فما أبلغ نصرته له! تارة بيده وسيفه، وتارة بلسانه ونطقه، وتارة بقلبه وفكره! إن قيل جهاد وحرب فهو سيد المجاهدين والمحاربين، وإن قيل وعظ وتذكير، فهو أبلغ الواعظين والمذكرين، وإن قيل فقه وتفسير، فهو رئيس الفقهاء والمفسرين، وإن قيل عدل وتوحيد، فهو إمام أهل العدل والموحدين:
ليس على الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد ثم نعود إلى الشرح، فنقول: قوله عليه السلام: " أسكنتهم سمواتك "، لا يقتضى أن جميع الملائكة في السماوات، فإنه قد ثبت أن الكرام الكاتبين في الأرض، وإنما لم يقتض ذلك، لان قوله: " من ملائكة " ليس من صيغ العموم، فإنه نكرة في سياق الاثبات. وقد قيل أيضا: إن ملائكة الأرض تعرج إلى السماء ومسكنها بها، ويتناوبون على أهل الأرض.
قوله: " هم أعلم خلقك بك "، ليس يعنى به أنهم يعلمون من ماهيته تعالى ما لا يعلمه البشر، أما على قول المتكلمين فلان ذاته تعالى معلومة للبشر، والعلم لا يقبل الأشد والأضعف، وأما على قول الحكماء، فلان ذاته تعالى غير معلومة للبشر ولا للملائكة، ويستحيل أن تكون معلومة لأحد، منهم فلم يبق وجه يحمل عليه.
قوله عليه السلام: " هم أعلم خلقك بك " إلا أنهم يعلمون من تفاصيل مخلوقاته وتدبيراته ما لا يعلمه غيرهم، كما يقال: وزير الملك أعلم بالملك من الرعية، ليس المراد أنه أعلم بذاته وماهيته، بل بأفعاله وتدبيره ومراده وغرضه.
قوله: " وأخوفهم لك "، لان قوتي الشهوة والغضب مرفوعتان عنهم، وهما منبع