وانتهت عذر الله تعالى ونذره، فعذره ما بين للمكلفين من الاعذار في عقوبته لهم إن عصوه، ونذره ما أنذرهم به من الحوادث، ومن أنذرهم على لسانه من الرسل.
* * * [القول في عصمة الأنبياء] واعلم أن المتكلمين اختلفوا في عصمة الأنبياء، ونحن نذكر هاهنا طرفا من حكاية، المذاهب في هذه المسألة على سبيل الاقتصاص ونقل الآراء، لا على سبيل الحجاج، ونخص قصة آدم عليه السلام والشجرة بنوع من النظر، إذ كانت هذه القصة مذكورة في كلام أمير المؤمنين عليه السلام في هذا الفصل، فنقول:
اختلف الناس في المعصوم ما هو؟ فقال قوم: المعصوم هو الذي لا يمكنه الاتيان بالمعاصي، وهؤلاء هم الأقلون أهل النظر، واختلفوا في عدم التمكن كيف هو؟ فقال قوم منهم: المعصوم هو المختص في نفسه أو بدنه أو فيهما بخاصية تقضى امتناع إقدامه على المعاصي.
وقال قوم منهم: بل المعصوم مساو في الخواص النفسية والبدنية لغير المعصوم، وإنما العصمة هي القدرة على الطاعة أو عدم القدرة على المعصية، وهذا قول الأشعري نفسه، وإن كان كثير من أصحابه قد خالفه فيه.
وقال الأكثرون من أهل النظر: بل المعصوم مختار متمكن من المعصية والطاعة.
* * * وفسروا العصمة بتفسيرين:
أحدهما: أنها أمور يفعلها الله تعالى بالمكلف فتقتضي ألا يفعل المعصية اقتضاء